2017-09-06 | 05:03 مقالات

إدمان التشجيع!!

مشاركة الخبر      

يقول فيودور دوستويفسكي:

 

"كل شيء في الإنسان عادة.. إن العادة هي المحرك الكبير للحياة الإنسانية".

 

للبشر طقوس تختلف وتتباين في متابعتهم للمنافسات الرياضية، لكل شخص عادة تختلف عن الآخر في طريقة مشاهدته لمباراة فريقه الذي يشجعه أو منتخب وطنه.

 

كثير من العقلاء يصبحون مجانين في الاستاد وسط المدرجات أو أمام شاشة التلفاز، أمثال هؤلاء يتجردون من كل القيود الاجتماعية ويخلعون ألقابهم، وتجد الدكتور يصرخ كالأطفال والمعلم لا يختلف عن طالب مشاغب في قاعة الفصل، والإعلامي كدلال في حراج السيارات.

 

ليس هذا فقط هناك صنف من الجماهير عدوانيون عند هزيمة من يشجعون، يكسرون كل شيء أمامهم فناجين القهوة، أكواب الشاي، وشاشة التلفاز أمثال هؤلاء يصابون عند المباراة بحالة من المس، وكأن الشياطين تطوف على رؤوسهم ويخسرون كل من حولهم حتى الأقربين.

 

كم من صديق باع صديقه بسبب هزيمة مباراة وآخر قطع الرحم!!.

 

في الأصل الرياضة تهذب النفوس وتعود الجسد على التواضع عند الفوز والصبر عند الخسارة، لا تجعل مباراة تفقدك أعصابك وتهد صحتك وتعكر مزاجك.

 

لكل مشجع رياضي محطات كثيرة في حياته لا ينساها، تبقى خالدة بالفرح أو الحزن، أكتب هذا المقال قبل أن أعرف مصير مباراة منتخبنا ضد اليابان، وأنت تقرأ هذه الحروف سوف تشعر كيف عشت أمس مع تفاصيل المباراة عاقلاً أم مجنونًا؟!.

 

يقول نجيب محفوظ:

 

"المقامر المدمن يلقى الخسارة عادة بهدوء ولن يعدو الأمر في نظره التسليم في يومه وعقد الرجاء بغده".

 

جعلتنا كرة القدم نقامر بكثير من لحظات حياتنا لتتأرجح بين منجز بطولة أو خيبة خسارة، مع كل هذا قلوبنا معلقة بجحيم كرة القدم.. مهما حاولنا أن نتعافى من إدمان التشجيع لا نستطيع، وكأن التوبة من عشق الرياضة لا تختلف عن عشم إبليس في الجنة.

 

لا يبقى إلا أن أقول:

 

التشجيع إدمان؛ لذلك يقولون عن كرة القدم هي "أفيون الشعوب"، كم من مدمن رياضي يعيش بيننا ونحزن لحاله وهو يضحي بجمال الحياة من أجل كرة تتدحرج بين أقدام اللاعبين!!.

 

واسيني الأعرج تقول:

 

"العادة قاتلة، ومع ذلك نحن أحيانًا في حاجة ماسّة إليها".

 

عادة التشجيع الرياضي قاتلة لمن ينكوي من نارها، ومباراة منتخبنا مع اليابان كحبل المشنقة، قد تقتل أحلامنا للوصول إلى كأس العالم في روسيا، أو تكون موطن السعادة لجماهير مدمنة كرة القدم.

 

قبل أن ينام طفل الــ"هندول" يسأل:

 

هل إدمان كرة القدم له علاج أم مرض عضال؟!.

 

هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية".. وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك...