هل غادر الشعراء من "مُتَكذَّبِ"؟!
"بلكونة" الجمعة، تُطل على كتاب، ليس لي من المقالة غير العناوين الفرعيّة الصغيرة، وعلامات تعجّبٍ، وبعض تقويسات!، وقفزات صغيرة حذرة!، ويا للغرور إذ أزعم بأهميتها!،
كتابنا اليوم هو: "اللغة والكذب" لهرالد فاينرش، تعريب وتقديم وتعليق عبدالرزاق بنور. دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع. والمقتطفات من الطبعة الأولى 2015:
ـ عن الترجمة:
الكلمات المترجَمَة تكذب دائمًا، أمّا النّصوص المترجَمَة فإنها لا تكذب إلا إذا كانت رديئة التّرجمة!.
ـ نعرفهم ولكن:
كلّنا نعرف أولئك الأنكاد أعداء الفن!، ليتهم كانوا على الأقلّ عُلَمَاء جيّدين!.
ـ اختَصِرْ:
فالإسهاب أضعف مما يُحِيلُ إليه الإسهاب!.
ـ الغمزة في الهمزة:
من سوء الحظ، ليس هناك من يلتقط الإشارات الضائعة. حظ سّيئ، ولكنه ليس ميؤوسًا منه!.
ـ السقراطيّة:
يقول "موزيل" بهذا الصّدد: السّقراطيّة هي التظاهر بالجهل، وفي أيّامنا: أنْ تكون جاهلًا!.
ـ الفن الساخر:
لا يتقاسمه إلا الظُّرَفاء الذين لديهم روح النكتة، ولا يدركه المغرورون ولا أنصاف المتعلّمين!.
ـ الحب والكراهيّة واللغة والفلسفة:
يُعبِّر فولتير عن هذه المُعضلة، كما جاء في كتابه "المعجم الفلسفي": يستعمل المرء كلمَتَيْ "حب" و"كراهية"، ولكن ثَمَّة آلاف الأصناف المختلفة من الحب ومن الكراهيّة في الحياة اليوميّة، كيف للمرء أن يُنصِف كل تلك الفوارِق؟!. يدفع فولتير نحو استنتاج متشائم: النقص متأصِّل في كل اللغات كما أنّ النّقص متأصِّل في كل البشر!.
ـ طبيعة الكذّاب:
يمرّ الكذّاب بسرعة من الدفاع إلى الهجوم، مُتّهِمًا الآخرين بالكذب!. يُسمّي "شيلر" ذلك: وثوق الكذب السّافِر!.
ـ استراتيجيّة الكذّاب:
يدفع محترف الكذب أمامه جبلًا عظيمًا من الأكاذيب لا يزال ينمو ويعلو أكثر فأكثر كلّما مارس حرفته، وكلّما أُمْسِكَ به مُتَلَبِّسًا في إحدى أكاذيبه!. وليس الاعتراف الجزئي بالكذب سوى محطّة للانطلاق نحو ابتكارات جديدة!.
ـ هل غادر الشعراء من "مُتَكَذَّبِ"!:
كتب هردير مرّةً يقول: لا يخلط بين الكذب والشعر إلّا أحمق!. كما لاحظ نبتشيه: يتناول الفنُّ الوهمَ باعتباره وَهْمًا، وبالتالي فهو لا يرغب في الخداع، إنه صادق!.
ـ التفكير واللغة:
اللغة كانت دومًا وبالضرورة مُتخلِّفة عن التفكير!، فالتفكير يسعى إلى حقيقة واحدة، بينما تنتمي الكلمات إلى لغات مختلفة!، وقد تقودنا الكلمات في أحسن الأحوال إلى حقيقة فرنسيّة أو إنجليزيّة أو عربيّة، ولكن لن تقودنا إلى الحقيقة أبدًا!.
ـ جهاز كشف الكذب:
يعتمد جهاز كشف الكذب على الفرضيّة "التي تبدو مُبرَّرَة" أنّ الكذبة تُرافقها دائمًا إشارات الكذب، وتلك الإشارات تدفع في الكذبة الأدبيّة نحو الخارج، بينما تتحرّك في حالة الكذبة الأخلاقيّة نحو الدّاخل في مسَارَات الجسم الفيزيولوجيّة. ويمكن تتبّع آثارها بفضل بعض الأدوات الحسّاسة. أمّا إلى أيّ مدى تستطيع هذه العمليّة أنْ تبرّر نفسها أخلاقيًّا، فتلك مسألة أُخرى!.