تلوث سمْعي
“الضجة أيضاً تحدث التلوث”.. هي فكرة ترويجية إعلانية تظهر في التلفزة اللبنانية، توحي بفكرة إعلامية تنسحب على الضجيج والصراخ في أسلوب بعض المعلقين في القنوات الرياضية العربية التي أتاحت كثرتها اتساع مروحة الأصوات (اللي بطعمة واللي بلا طعمة) مما يفضي إلى تلوث سمْعي.
هم كثر من تُجبرنا بعض القنوات الرياضية على تحمل صراخهم الذي يجلد سمعنا ويعكر مزاجنا ويحرمنا من الاستمتاع بمتابعة المباريات.
وهم قلة من ترضى بعض القنوات الأخرى بهم أذواقنا وتحترم بكفاءتهم وهدوئهم وسعة اطلاعهم، عقولنا.
عبارة “تلوث سمعي” قالها زميل وكانت جواباً على سؤالي له لماذا تقلع عن سماع المعلقين العرب؟..
برر زميلي بأن المعلق الفرنسي أو الإنجليزي أو الإسباني لا يتحدث أكثر من نصف ساعة من مجمل الساعة والنصف، وكلامه تحليلي ونقدي ولا يعطي المعلومة إلا في وقتها، ويجيب على تساؤلات من دون أن تسأله، ويتوقع ما يمكن أن يقوم به المدربون لتغيير البديل.. وأهم من كل هذا فهو لا يفجر قنابل حنجرته حين تسجيل الهدف، ولا يتبارى مع المطربة صباح في (سحبات) المواويل، حتى ولو انقطع نفسه وهو يصرخ غووول.
معلقهم يشغل نفسه بكيفية حصول الهدف وتحديد المتسبب به وشرح فنيّات مسجلة.
ومعلقنا لا يقطع نفسه وهو يقدم المعلومات الأرشيفية، حتى ولو صارت الكرة على فم المرمى، ويطلق صراخاً غير مبرر حتى ولو كانت نتيجة هدف الفوز بكأس العالم.. فكيف والحال هذه حين يكون الهدف خلال مباراة محلية، ولا يهم إذا كانت بين فريقين عاديين لا يتابعها أحد؟.
في عالمنا العربي معلقون يوفرون لك الاستمتاع بالمباراة، معلقون راقون مثقفون ملمون بأصول اللعبة وقوانينها، يريحون سمعك.
وفي عالمنا العربي أيضاً معلقون يخدشون سمعك وتخاف على أنفاسهم من الانقطاع.. وكأنهم يتبارون في تواصل الكلام كمن يتبارون في تواصل أبيات الشعر: يبدأ البيت الجديد بنفس الحرف الذي انتهى به البيت السابق.
والشكر هنا للقنوات التي يفتح لك مجال اختيار المعلقين.