البرامج الرياضية و د. غازي
قبل انتشار القنوات الفضائية والانفتاح الإعلامي وتحديداً منذ عشرين عاماً ونيف وصل عدد الصفحات الرياضية في صحافتنا المحلية إلى 30 صفحة يومية إذا أضفنا لها جريدة "الرياضية" التي صدرت في تلك الفترة، بل لم يكن العدد يتجاوز 16 صفحة في كافة الصحف المحلية قبل صدور "الرياضية"، إلى جانب برنامجين تلفزيونيين أحدهما في القناة الأولى والآخر في القناة الثانية، وبرنامجين رياضيين إذاعيين في إذاعة البرنامج العام من الرياض، وإذاعة البرنامج الثاني من جدة.
عندما وصل عدد الصفحات إلى ذلك الرقم (معدل صفحتين في كل مطبوعة) اعتبره كثيرون بما فيهم بعض المسؤولين مبالغاً فيه ومن الصعب تغطيته بالأحداث الرياضية مما يسهم في تقديم مادة صحفية ضعيفة أو خروج عن النص بهدف ملء هذه الصفحات.
الآن وبعد عقدين فقط من الزمن وبعد صدور الملاحق الرياضية والصحافة المتخصصة الورقية والإلكترونية والقنوات الفضائية وهذا الإنفتاح الإعلامي والبث على مدى 24ساعة يحق لنا أن نتساءل:
كم عدد الصفحات الرياضية اليومية في صحافتنا عموماً؟
وكم عدد البرامج الرياضية في القنوات التلفزيونية والإذاعية؟
بل إن السؤال الأكثر أهمية:
ماذا تقدم هذه البرامج؟
وما هي الفائدة التي يخرج بها المتلقي مسؤولاً كان أو شخصاً عادياً من هذه البرامج وما يدور فيها من نقاشات وطروحات فكرية؟
لا أنكر أن هناك برامج جيدة تفيد المتلقي لكنها محدودة ببرنامج أو اثنين تخرج عن كرة القدم نهائياً أو روتين البرامج الأخرى والقضايا المطروحة فيها مع بضع حلقات من برامج هنا أو هناك وبالتالي فهي تضيع بين هذا الكم من ساعات البث وبرامجه كعملية نسبية.
فالمواضيع تتكرر ولكن بصياغة جديدة عبر مذيع آخر وخلفه ديكور جديد.
والوجوه هي ذاتها تجتر كلاماً حفظته عن ظهر قلب بعد أن قالته أكثر من مرة في أكثر من قناة.
وأصبح المتلقي يدرك ماذا سيقول هذا الضيف وبماذا سيخرج هذا البرنامج؟
حتى القضايا المطروحة في هذه البرامج لا تخرج عن إطار كرة القدم وقضاياها.
جميع مشاكل الشباب لدينا وقضاياهم وإهتماماتهم ومشاكل الاتحادات الرياضية الثلاثين وقضاياها والألعاب المختلفة واللجنة الأولمبية اختزلت في كرة القدم.
والقائمون على هذه البرامج لا ينظرون لهذه الناحية فهم (يبيعون منتج) ويهمهم تسويق هذا المنتج.
ومن الطبيعي أن يكون ذلك على حساب الجودة في ظل الرغبة في زيادة الإنتاج وتغطية السوق وأن يخرج لنا جيل مستهلك متأثر بهذا النوع من الفكر وتتشكل ثقافته وفقاً لهذه المفاهيم على طريقة الوجبات السريعة فالخيارات أمامه محدودة إن لم تكن معدومة.
هذا التدفق الفضائي ذكرني بالمغفور له بإذن الله غازي القصيبي عند بدء البث الفضائي قبل عشرين عاماً بالضبط من خلال قناة الـmbc فقط واختلف مع بعض المشايخ وطلبة العلم حيث كان يؤكد وغيره على أن البث الفضائي قادم لا محالة ويستحيل السيطرة عليه وأن علينا أن نتقبله كأمر واقع ونبدأ من الآن وضع البرامج لتحصين شبابنا.. إلخ فيما كانوا يصرون على مسؤولية الدولة وقدرتها بالتشويش عليه فيما لو أتى. حينها كتب (رحمه الله) مقالاً في تعقيب له ونقاش مع أحد هؤلاء الفضلاء كان عنوانه:
أخي (.....) سد السيل بعباتك.
والله من وراء القصد،