نور
قناعة .. أم .. أخف الضررين
قال أحدهم لصاحبه:
ردد (نور) عشر مرات قبل أن تنام تطلع لك (نور) المسلسل التركي في المنام.
أخطأ الآخر في الحساب فردد (نور) تسع مرات طلع له (محمد نور)!
طبعاً.. هذه نكتة تم تداولها عبر رسائل الجوال وهي واحدة من العديد من النكات.. التي تم تداولها حول هذا اللاعب.. وخصوصاً علاقته بالمنتخب وانضمامه إليه.. إلخ!
و(محمد نور) ليس الوحيد الذي دارت وتدور حوله النكات!
لاعبون آخرون.. وأندية.. وهذه سمة وطبيعة أصبحت مألوفة لدى مجتمعنا الرياضي عقب العديد من المباريات خاصة التنافسية منها!
وهي جزء من طبيعة المجتمع.. وامتداد لنكات أخرى في مناسبات مختلفة طالت زعماء ورؤساء دول.. حسب الظروف.. وآخرها ـ ولن تكون الأخيرة ـ ما دار حول الرئيس الأمريكي بوش.. والحذاء! وقبله (أوباما).
شخصياً..
لا أرى أن مثل هذا التناول يقلل من قيمة البطل ـ أعني بطل النكتة - بقدر ما يعطيه أهمية من جانب آخر.. (أنه في قلب الحدث)، أو في دائرة الضوء! ومحل الاهتمام!
وهذه النكتة وغيرها.. تعني أن محمد نور (شاغل الناس) هذه الأيام ومحط تفكيرهم واهتمامهم.. على طريقة قول الشاعر:
لئن ضرني أن نلتني بمساءة
فقد سرني أني خطرت ببالك!
ولا أعتقد.. بل أنني أثق أن الذين تناولوه.. لا يقصدون الإساءة إليه.. وهم يدركون قيمته.. لكنها من باب (النكتة) فقط.. التي وجدت مجالاً خصبا للظهور.. كغيرها تجاه آخرين حسب الظروف.. ونوعية الحدث!
ومحمد نور.. لاعب متمكن.. وقدرة فنية عالية..!
وشخصياً..
أعتقد أنه مطلب لأي فريق ـ ولا أقول ناد - وعلى كل المستويات.. خاصة في السنوات الأخيرة.. حيث وصل إلى مرحلة النضج الكروي.. وإدراك حقيقته ودوره.. أو أنه أراد ذلك.. فقد أصبح يقوم بدور القائد الحقيقي أو الفعلي داخل الميدان.. أو ما يسمى بضابط الإيقاع للفريق.. وهو ما يمثل الترمومتر الذي يحدد درجة حرارة الفريق.. وتؤثر فيه.. وتتأثر به.!
هذه السنوات.. جاءت متوافقة مع فترة ابتعاد محمد نور عن المنتخب.. أو إبعاده.!!
وهذا ما جعل أصحاب التيار المتعاطف معه.. أو المطالب بضمه للمنتخب يعزفون كثيراً على هذا الوتر.. ويتمسكون به كورقة ضغط.. على إدارة المنتخب وجهازه الفني!!
في حين.. التزم التيار المقابل الصمت.. أو الحياد.. وكان (في فمه ماء!!).
وهو كذلك بالفعل.!!
ولم يعد خافيا.. أن غياب محمد نور.. لم يكن (فنياً) وهو الورقة التي بدأ التيار الآخر اللعب بها.. واستخدامها بعد ضمه للمنتخب!! وإخراج بعض من الماء.!!
وقد طالبنا كثيراً بنوع من الشفافية والوضوح حول الكثير من المسائل.. حتى لا تظل معلقة.. ويذهب ضحيتها المنتخب أو غيره!
وليس شرطا الدخول في كافة التفاصيل بقدر تحديد الجهة ذات العلاقة في اتخاذ القرار.!!
وفي كل هذا الغموض .. أصبح المناخ مناسباً لظهور العديد من الشائعات.. والروايات.. التي لم تكن في صالح نور.. أو الجهات المسؤولة!!
ومن هنا.. فقد جاء ضم محمد نور للمنتخب لأحد أمرين لا ثالث لهما:
إما قناعة بمستواه.. وأهميته.. وحاجة المنتخب إليه.!
أو..
قطعا للشائعات.. ولتأكيد وجهة النظر الرسمية حول الموضوع.
وفي كلا الحالين هناك منتصر وحيد من هذه العملية!
الآن..
تم ضم محمد نور..
وخشعت الأصوات..!!
ولا تسمع إلا همساً..!!
خشعت أصوات التيار الأول..!!
وبدأ الهمس في التيارين..!
همس في التيار الأول.. وتساؤل.. هل يكون على مستوى هذه المطالبة.. ويقدم مع المنتخب ما يشفع له و(يبيض) وجوههم.!
وهمس في التيار الآخر.. يتعلق بسلوكه.. وأن يرتقي إلى مستوى المسؤولية.. ومستوى القرار!!
وهذه الورقة هي التي أصبح هذا التيار يعزف عليها.. كما أشرت!!
وبين (الهمسين).. يبرز تساؤل:
من المستفيد من هذا كله؟!
سواء ما كان قبل الضم..!! أعني ضم محمد نور للمنتخب.. أو بعده.!!
وسواء كان اللاعب محمد نور.. أو غيره مما يمكن أن يصبح في موقفه ذات يوم.!!
وهل يمكن أن ننظر إلى ضم (نور) للمنتخب على أنه يندرج تحت قاعدة (أخف الضررين)..!! مما يعني أنه قرار (إداري) أكثر من(فني) بهدف توحيد الرؤى والأصوات وتوجه المجتمع.. وضبط نبض (الشارع الرياضي)..!!
شخصياً..
على قناعة تامة بأهمية وجود لاعب مثل محمد نور في أي فريق.. وفي المنتخب أيضاً.. في هذه الفترة أو المرحلة التي يمر بها المنتخب.. أو مسيرة اللاعب!!
لكنني لست مع الأساليب التي يتم من خلالها تناول الموضوع.. أيا كان مصدرها.. ونوعيتها.!!
وأعتقد أن غياب الشفافية.. ووجود ساحة من التحرك أعطى الفرصة لهذه الطروحات بالظهور.. وهيأ لها مناخا مناسبا ساهم في تناميها.. ووصولها لهذه المرحلة.!
وأخشى أن ينعكس ذلك على المرحلة المقبلة وهي الأهم سواء أثناء استعداد المنتخب لدورة الخليج ومشاركته فيها.. أو بعد انتهائها.. أيا كانت النتائج.!!
مما يعيدنا إلى المربع الأول.!!
منتخبنا هذه الأيام يمر بأصعب مراحله.. وربما أخطرها..!!
بعد أسبوعين تماماً.. تنطلق دورة الخليج.. وهي تحمل في طياتها الشيء الكثير من الاهتمام ـ شئنا أم أبينا- لجميع دول المنطقة.!!
وبعدها ببضعة أيام.. تعود منافسات تصفيات كأس العالم من جديد.. بمباراة أمام كوريا الشمالية على أرضها، وهي في نظر الكثيرين أكثر المباريات أهمية.. وربما تمثل منعطفا هاماً في مسيرتنا نحو كأس العالم.
وعلى الصعيد الرسمي.. والفني تظل كأس العالم الأكثر أهمية..
وعلى الصعيد الشعبي والمعنوي.. لا تقل دورة الخليج عن تلك أهمية.!!
ومن هنا.. وبحكم تقارب الحدثين.. لا بد أن يؤثر أحدهما على الآخر.. وقد تفيء إحداهما على الأخرى..!!
ومن المؤكد.. أن تنعكس نتائج دورة الخليج أيا كانت - إيجابية أو سلبية - على مسيرتنا في كأس العالم.
ويجب أن نكون مهيئين لكافة الاحتمالات.. ومستعدين للتعامل مع كل الظروف.!!
وحديثي هنا.. لا أعني به المسؤول فقط.!! وإن كان يتحمل العبء الأكبر.!
لكنني أعني به أيضاً الإعلام الذي يتحمل عبئا آخر لا يقل أهمية.!!
فهو المؤثر الأساس والرئيس في نبض الشارع.. ومحرك هذا النبض.!
وهو الذي يؤدلج - إن جازت التسمية - المجتمع ويتولى قيادته وتحديد اتجاهاته.!!
وفي مجالنا الرياضي.. فهو يؤثر فيه أكثر مما يتأثر به.!!
ويقوده.. أكثر من أن ينقاد به.. أو معه.!!
وهنا تكمن الخطورة.. إذا لم يكن هذا الإعلام على قدر من المسؤولية.!! والإيمان برسالته نحو هذا المجتمع.!
لست ضد النقد ـ وهذا مؤكد - وكلنا كذلك..!
لكن هناك فرق..
بين النقد الهادف.. الذي يسعى للإصلاح ويقود هذا التوجه.. بأسلوب منطقي ومقبول.. مبني على حقائق واضحة..!!
وبين التوجه نحو (صناعة رأي) يهدف إلى تبني رؤى خاصة.. ذات توجه معين.. لتحقيق الذات.. بعيداً عن مصلحة المجموع..!!
تحقيق الذات
في رياضة السيارات
يوم الجمعة الماضي.. كان نقطة تحول في الرياضة السعودية.
وهي نقطة تحول نوعية.. أكثر من أي شيء آخر.! حيث شهدت (حلبة الريم) أول سباق للسيارات في المملكة.. ضمن نشاطات الاتحاد السعودي لرياضة السيارات والدراجات النارية.. وهي امتداد لرالي حائل الذي ينظمه الاتحاد سنويا..
هذا السباق.. نظمته شركة السبق.. والتي تمتلك هذه الحلبة التي تم إنشاؤها قبل فترة على أحدث المواصفات العالمية..!
تمنيت حضور السباق.. لولا بعض الظروف الخاصة.. لكنني حضرت المؤتمر الصحفي الذي تم عقده ليلة السباق بدعوة كريمة من شركة صلة ممثلة في الزميل أحد دياب! وكان بإمكاني الاعتذار.. وسيعذرونني.. لكنني حرصت على الحضور.. تلبية لهذه الدعوة (إذا دعيتم فأجيبوا) من ناحية.
ومن ناحية أخرى..
لهدف ذاتي في تنمية ثقافتي في هذا الجانب.
والحقيقة أن هناك قناعات كثيرة تغيرت لدى كثيرين بعد هذا المؤتمر.. وبعد معرفة أسرار هذه الرياضة.. والأسس التي تقوم عليها.!
ويحسب لشركة السبق برئاسة الأمير سلطان بن بندر الفيصل بن عبدالعزيز.. تنظيم هذا السباق وبمساهمة من شركة غسان السليمان (لامبر جيني) وشركة صلة الرياضية.!
ولازلت عند رأيي بأن الإعلام ـ خاصة المقروء ـ لم يواكب الحدث بالصورة المطلوبة.. ويقع على الاتحاد.. واللجنة المنظمة مسؤولية كبرى في السباقات المقبلة.. حيث يتكون السباق حسبما عرفت من عدة جولات كانت أولاها يوم الجمعة الماضي.!
السباق هيأت له كافة أسباب النجاح.. وكما عرفت فقد كان ناجحاً بالفعل.. مقارنة بسباقات عالمية مشابهة سواء من حيث حلبة السباق.. ومسيرته.. أو من حيث العمليات المساندة له.
وبعيداً عن السباق كحدث.. أعتقد أن الظروف مهيأة تماماً لنجاح هذا النوع من الرياضة في المملكة.. حيث القاعدة موجودة.
وما أعنيه هنا.. ليس النواحي الفنية فقط.!!
ولكن أيضاً..
قاعدة الممارسين لهذه اللعبة!!
والقضية لا تعني أبطالاً سعوديين عالميين صنعوا مجدهم.. ومكانتهم عبر جهود ذاتية.. وبعضهم شارك في هذا السباق.. ولكن في تكوين جيل جديد لهذا النوع من الرياضة.
ولدينا جيل كبير من الشباب الممارس لهذا النوع من القيادة على مستوى فردي.. وإذا ما وجد الفرصة في مثل هذا النوع من السباقات بأطر منظمة.. ووفق آليات وبرامج يتم إعدادها وفق أسس سليمة.. فمن الطبيعي أن تحتضنه مثل هذه البرامج.
وكما أكد الأمير سلطان بن بندر في مؤتمره الصحفي أن النية تتجه لإنشاء عدد من الأكاديميات للتعريف بهذه الرياضة.. وإعداد الكوادر المؤهلة لممارستها على أسس سليمة.. ووفق معايير علمية مدروسة ومقننة!
إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تساهم في شغل وقت كثير من الشباب.. بما يفيدهم.. ويحقق ذاتهم بدلاً من استثمار المركبة بصورة خاطئة تعود بآثار سلبية عليه وعلى مجتمعه.
ومن شأنها من جانب آخر.. أن تتحول إلى مهنة.. عندما يحترف الشاب... ويبدع فيها.. وتنقله من عالم الفراغ القاتل.. إلى عالم أكثر إنتاجية..
والذين يقولون إن هذه الرياضة تلقي إلى التهلكة ربما لا يدركون أسرارها.. ووسائل السلامة فيها.. وما تعتمده من أساسات.. (وكل بيد الله سبحانه وتعالى).. وتظل كغيرها من الممارسات الحياتية المعرضة لكل الظروف.. كالسباحة والطيران الشراعي.. والألعاب المعتمدة على القوة أو المخاطرة.
إن رياضة السيارات في نظري تتطلب استعداداً فردياً مختلفاً.. عن أي لعبة أخرى.. كالتركيز العالي والتوافق العضلي والعصبي.. بما يعني التكامل اللياقي والفني.. ومثل هذه الأمور تفرض على الممارس نوعاً من الانضباط السلوكي والبدني.. وبالتالي فهي تساهم في إعداد الشاب تربوياً.. كإنسان (منضبط) في أدائه.. وسلوكه.. بما ينعكس على ممارسته الحياتية كعضو فاعل في المجتمع.
والله من وراء القصد