المكالمة الأخيرة
تعودنا كسعوديين وعرب ألا نحتفي برموز ونجوم شع نورها في أحد مجالات الحياة التي لها علاقة بالناس والمجتمع عامة إلا عقب وفاتها، حينذاك تقرأ العجب العجاب من قصائد نثر وشعر فيها من الثناء والمدح وكشف كثير من مناقب الفقيد الراحل، واليوم من المؤكد أن صحافتنا الرياضية سوف تطرح ضمن تغطيتها خبر انتقال أول كابتن للمنتخب السعودي ونادي الاتحاد (عبد المجيد كيال) إلى رحمة الله.. آراء سوف تنشر تباعاً عما كان يتمتع به من مآثر وخصال حميدة (رحمه الله) تخص سيرته الذاتية وجزءاً ناصع البياض من مشواره الرياضي وتاريخه (المشرف) كلاعب كرة قدم وأصوات تنادي وتطالب بتكريم شخصية كانت في ذاكرة النسيان. ـ لا يمكن لي ولا لغيري تغيير هذه العادة الصحافية الحسنة التي تأتي تفاعلا متوقعا ومطلوبا ومواكبا للحدث وحجم مؤثراته المحزنة جدا كأقل ما يمكن أن تقوم الصحافة تجاه أي شخصية لها وزنها وقيمتها في مجتمع قدمت خدماتها الجليلة في الموقع الذي كانت فيه يوما من الأيام خاصة إن تركت ما يشفع لها من سيرة طيبة كسبت بها محبة الجماهير وكل ما يعزز احتفاء الكلمة بها كـ(تكريم) أدبي من صاحبة الجلالة لم تحظَ به في حياتها. ـ كانت المكالمة الأخيرة لي مع هذه الشخصية المرموقة برقة الإحساس والمشاعر قبل أيام عبر اتصال هاتفي تلقيته منه عقب مبادرة التكريم التي أعلنت عنها الإدارة الاتحادية فيما يتعلق بلاعب النادي سابقاً محمد نور، حيث أشاد بالفكرة من ناحية إطلاق اسم أبرز الشخصيات الاتحادية على بوابات النادي تكريماً لها وتخليدا لإنجازاتها إلا أنه كان يفضل أن تقوم إدارة النادي بوضع آلية وفق معايير محددة لمن يستحقون مثل هذا النوع من التكريم وفق شروط معينة تنطبق عليهم، فقلت له كأنك ياعم عبدالمجيد قرأت مقالي اليوم.. والذي جاء نشره (مصادفة) في نفس يوم اتصاله الهاتفي.. فرد علي (والله حتى الآن ماقرأت الجرائد) وشرحت له ما كتبته بالتفصيل فقال لي (حاجة طيبة)، ولقد خطرت على بالي ووجدت خير من يكتب عن هذا الموضوع هو أنت، حيث تعجبني صراحتك وجرأتك، ومادام أنك كتبت إن شاء الله الإخوان في الادارة يتجاوبون مع رأيك، فالاتحاد زاخر بالأسماء التي لها بصمات مضيئة ومشرفة تستحق أن تنال شرف تكريمها بما يليق بما قدمته وبالذات في فترة سابقة كان الانتماء للنادي ليس مرهوناً بالمال كما هو حاصل الآن، وأنا لا أعني أخويا عدنان أني أحسد أولادنا (الله يزيدهم) ولكن وجه المقارنة من الواضح أنه مفقود وأعتقد أنك توافقني الرأي، ولا إيه؟ ـ قلت له (رحمه الله) أوافقك الرأي، وأعتقد أيضا أن إدارة نادي الاتحاد نفس الشيء ستتفق معنا، ثم تطرق بعد ذلك للاعبين الشباب الذين مثلوا الاتحاد في مباراتهم أمام نجران فأبدى إعجابه الشديد بهم وبالخطوة الجريئة التي أقدمت عليها الادارة بتجديد الدماء، فاقترحت عليه القيام بزيارة للنادي حيث إن وجوده وحضوره شخصياً للتدريبات في هذه المرحلة سيكون له أثره الطيب في رفع معنوياتهم وشحذ هممهم فقال لي (والله من زمان ما رحت النادي بعدين نحن خلاص كبرنا ماعد فينا حيل) وأنهى مكالمته بقوله (يالله مع السلامة). ـ كانت هذه المكالمة الأخيرة لي معه من بين العديد من المكالمات الهاتفية التي يجمعني به حديث شيق عن الكرة وتحديدا عن المنتخب والاتحاد وبعض ما يطرح صحفياً وما يتم تداوله في وسائل الإعلام المرئي ـ رحمه الله ـ لقد فاضت روحه بعد ساعات قلائل من عودته من مكة المكرمة، وكان في صحة جيدة، أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، و(إنا لله وإنا إليه راجعون).