دكتوراه بالعافية
من الظواهر الغريبة جدا والملفتة للنظر والتي بدأت تثير اهتمام الوسطين الرياضي والإعلامي في السنتين الماضيتين، حصول عدد من المدربين والإعلاميين السعوديين على شهادة (الدكتوراه) فجأة وبدون ظهور أي مقدمات تؤكد أنهم مروا بمشوار طويل من الدراسة والتحصيل الجامعي، أو وجود ملامح تعطي انطباعا يدل على تغيير واضح في نمط الشخصية من خلال فروقات على مستوى فكره وأدائه وعطاءاته، خاصة إن كان الجزء الكبير من عمله ملتصق وله علاقة مباشرة بالإعلام ككاتب وناقد أو محلل، والأمثلة على ذلك موجودة على هؤلاء الذين هبطوا علينا (طب غم) وأصبحوا (بين عشية وضحاها) دكاترة ولست حريصا على ذكر أسمائهم.
ـ ما دعاني إلى (نبش) هذا الموضوع في هذا التوقيت ومنحه صفة (الظاهرة) الغريبة، هو ما جاء على لسان مدرب حراس (وطني) أصبح يلقب أحيانا بالدكتور، تجاه نجم كبير في كرة القدم السعودية، حيث نال منه بشكل غير لائق عبر رأي خرج في مضمون نصه عن (أدب) الاختلاف والخلاف، وهذه ليست المرة الأولى لهدا المدرب (المحلل)، إنما لوحظ تزايد تجاوزاته وتعدياته منذ إعلانه عن نفسه بحصوله على الدكتوراه.
ـ لن أكرر في هذا الهمس ذكر الكلمات البذيئة التي قالها سعادة الدكتور في برنامج إذاعي، لأن ما تحدث به في حق ذلك اللاعب الكبير (الأسطورة) لا يدخل بأي حال من الأحوال ضمن دائرة (الرأي) القابل للرفض والقبول، وحتى لا أساهم في (تفخيم) الأنا المتغلغلة في أعماق هذه الشخصية والتي يبحث عنها بأي طريقة أو الترويج للفظ (عنصري)، بقدر ما أنني رغبت معرفة الفرق الذي أضافه هذا المحلل المدرب لمجتمعنا الرياضي، بعدما أضيف لاسمه حرف (الدال)، حيث إن سلوكه (الأدبي والعلمي) لايعبرعن تطورفي نمط الشخصية يعكس تماما (ثقافة) تكونت أثمرت عن تقدم في أسلوب الكلام حديثا وحوارا، إنما ماهو ملاحظ عليه (انتكاسة) تؤكد لي أن شهادة (الدكتوراه) ليست شؤماً عليه إنما بالنسبة لي لامعنى لها ما دام أن فكره مازال (متقوقعاً) في جاهلية مدارس الأمية التي رسب فيها ولم يتخرج منها حتى وقتنا الحاضر.
ـ لقد سبق لي أن كتبت في هذا الهمس مع بداية ظهور صحافيين (كتاب) باتوا يضيفون حرف الدال قبل كتابة اسمهم على المقال، بضرورة أن يقوم رئيس التحرير بمهمة (التيقن) من حصول ذلك الكاتب الصحفي على شهادة (الدكتوراه)، ولايكفي وجود الإثبات من خلال ورقة مطبوعة وختم رسمي باسم الجامعة، إنما اعتراف من وزارة التعليم العالي بالجامعة على اعتبار أن شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه أصبحت (على ظهر مين يشيل)، تباع وتشترى، بعدما وجدت لها (سوقاً سعودياً) يسمح لهاب (الترزق) والنصب، وهذا ما يدعوني أيضا إلى مطالبة الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالتعاون مع وزارتي التعليم العالي والثقافة والإعلام بعدم منح صفة الدكتوراه لمدرب أو إعلامي أو.. أو.. إلا بعد الحصول على موافقة من وزارة الإعلام فيما يتعلق بالإعلاميين والرئاسة العامة لرعاية الشباب بالنسبة لمنسوبيها سواء كانوا متعاونين أو متفرغين، وبذلك نضع حداً لمن ينصبون أنفسهم (دكتور بالعافية) والأهم من ذلك كله ألا تتسبب هذه الفئة المشبوه في صحة شهادتها العلمية بعدما (اختلط الحابل بالنابل) بالإساءة إلى الأنقياء ممن يحملونها عن جدارة واستحقاق.