2011-04-09 | 18:00 مقالات

الله يرحم (ولد الحارة) وابن البلد‎

مشاركة الخبر      

مهما كتبت عن الكاتب الصحفي والأديب المربي الفاضل الأستاذ محمد صادق دياب الذي انتقل صباح أمس الجمعة في يوم (فضيل) إلى رحمة الله، ومهما كتب غيري من زملاء عاصروه عن كثب وتعلقوا بشخصيته (الإنسانية) قبل مزايا شخصيته الصحافية، وآخرون (تتلمذوا) على يده وتخرجوا من مدرسته (الجامعة) أدباً وخلقاً وعلماً فتعلقوا هم أيضا بقلب كبير (احتضنهم) لن توفيه حروفنا وكلماتنا (حقه) من لمسة وفاء يستحقها وأحسب أنها سوف (تعجز) عن ذكر خصائص يتمتع بها في لفظ (الكلمة) التي يتحدث بها والقريبة جدا جدا من سمات وخصال شخصيته وسلوك علاقاته مع الجميع والتي شكلت في مجملها غدقاً من (الحب) الصادق له والذي من المؤكد وصل إليه قبل وبعد مرضه، فمات قرير العين بأن قلوب المعجبين به والمحبين له بمجرد علمهم بوفاته سوف تدعو له على لسان واحد (الله يرحمه) وأفئدتهم تعتصر حزناً على فراقه.
ـ عندما علمت بحالته الصحية الحرجة والتي اضطرته للسفر إلى العاصمة البريطانية للعلاج في أحد مستشفياتها كتبت حينذاك عن علاقتي به من خلال صالة وغرفة كانت تجمعنا في جريدة (المدينة) وبعض ذكرياتي عن (أبو غنوة)، وعلى الرغم من أن مسألة شفائه كان ميؤوساً منها إلا أنني كنت (متفائلا)، الجانب (النفسي) الذي يعد من أهم اهتمامات (الراحل) بحكم تخصص علمي درسه وطبقه عملياً في حياته العامة والخاصة مركزاً عليه دائما في معظم كتاباته الصحفية للخروج من الأزمات النفسية والصحية كحافز له دور مؤثر في طريقة العلاج لكل الأمراض والمشاكل القضاء عليها بروشتة (مضادات) إنسانية يسطرها قلمه الرشيق بحجم إنسان آلمني كثيراً أن العلاج (الكيمائي) اخترق جسمه الطيب، وقد تفاءلت كثيراً وأنا أتابع عودته للكتابة في عموده اليومي بجريدة (الشرق الأوسط) وبروح أمل الحياة من الآخرين يكتب عن (معاناة) الضعفاء والمساكين من أمراض أكثر خطورة في عدوى انتشارها بين أفراد المجتمع السعودي والعربي عموماً إلا أن (الموت) الذي أعلم أنه لم يخف منه لم يراع إنسانيته، حيث فضل أن يختاره ليرتاح من معاناة شعوب ومصائب أمم من الصعب أن يقوى قلبه الطيب الرهيف على احتمالها.
ـ كان الصحفي والإنسان محمد صادق دياب حينما تولى مهمة الإشراف على (ملحق الأربعاء) الذي يصدر من جريدة (المدينة) العديد من المبادرات الذاتية التي تهتم بحقوق الصحافيين والأدباء والفنانين بما فيها من مواقف تمثل أصالة وشجاعة (ابن الحارة) والتي تدعو إلى حمايتهم وحماية أسرهم من تقلبات الزمن حيث كانت الصفحة الأخيرة من هذا الملحق تعتني بهذا الجانب عبر أخبار يحرص على تسليط الأضواء عليها بعموده الأسبوعي المعنون بـ(كلام جرائد) إلى جانب (تجييش) العديد من الكتاب للكتابة عنها محرضاً أستاذي جلال أبوزيد إلى دعمه هذا التوجه الإنساني بقلمه وعلاقاته المتميزة مع الأمير الراحل فيصل بن فهد (رحمهم الله) جميعاً الذي كان لا يألو جهداً بالاستجابة الفورية في تبني كل الحالات الإنسانية المتعلقة بالأدباء والصحافيين والفنانين وبمتابعة من رئيس جمعية الثقافة والفنون آنذاك محمد أحمد الشدي.
ـ أبو غنوة الذي فارقنا أمس ترك كماً هائلاً من رصيد (سمعة) حسنة تحمل كل معاني الخير والطيبة التي تحتفظ بها ذاكرة كافة من عملوا معه، وقد كانت له مساهمات كثيرة من خلال مجموعة من المقالات الصحفية التي (يدعم) فيها (تكريم) الدولة للراود والمبدعين قبل وفاتهم إذ كان له دور (رحمه الله) في الإشارة إلى العديد من الأسماء التي غابت لظروفها عن الساحة فأبرز عطاءاتها وإنجازاتها عبر صفحات ثمنت جهودها وخلدتها في ذاكرة إعلام سعودي وفي.
ـ كنت أتمنى قبل أن تأتيه المنية وهو على فراش الموت أن يكون لجريدة (المدينة) التي لها مكانة خاصة في قلبه وخدمها كثيراً وقد تركها (مرغماً لا بطل) أن تبادر إلى تكريمه، وجهات أخرى من المؤسسات الصحفية التي تقلد فيها عدة مناصب قيادية وشارك بالكتابة في صفحاتها أن تكون لها لفتة ولمسة وفاء تجاه هذه القامة الإعلامية الكبيرة، ومازال الأمل عندي قائما بأن يلمس أبناؤه وبناته (تكريم) الوطن لأبيهم متمنياً أن أراها على أرض الواقع في مهرجان (الجنادرية) الذي كان له أيضا (بصمة) أربعاوية في دعمه مع بداية ظهوره، أقول أتمنى ذلك.
ـ رحم الله محمد صادق دياب وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه وأقاربه وكل محبيه الصبر والسلوان في فقدانه وفراقه والعزاء موصول لهم جميعاً، وأخص بالذكر شقيقه الزميل القدير أحمد صادق دياب رئيس لجنة الإحصاء والتاريخ.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)