الوجوه الجميلة لا تكفي
تحتاج المرأة التي تظهر في دعاية تجارية لتسويق أدوات تجميل أن تكون جميلة، جمالها سيضيف بعضًا من القبول على المنتج، حيث يساعد جمالها بالإضافة إلى “الميك أب” على ظهورها كفتاة جميلة ساعدتها أدوات التجميل التي تعلن عنها على الظهور بهذه الصورة، إذًا هي في المكان المناسب.
لا أعلم من أقنع مسؤولي القنوات التلفزيونية في وطننا العربي من بغدان إلى الشام بأن من شروط اختيار المذيعة أولًا هي أن تكون جميلة، وكأن المسؤول يريدها أن تصور دعاية “ميك أب” أو شامبو، لا أن تقدم برنامجًا يعتمد على ذكائها وثقافتها وسرعة بديهتها وحسن قراءتها.
راح المشاهد العربي في برامج كثيرة وآلاف من ساعات المشاهدة والبث ضحية لقناعة المسؤولين في المحطات بمعيار الجمال أولًا، متناسين أن الجمال لن يخفي ضعف القدرات، المشكلة الأخرى أن مقدمة البرامج الجميلة التي اختيرت لجمالها تكتسب مع الزمن الخبرة والاطلاع فيرتفع مستواها بعد سنوات طويلة، لكنها وللأسف ما إن تصل إلى هذه المرحلة حتى تتقدم في العمر فيتم إيقافها من الظهور على الشاشة، ثم تبدأ الحكاية من جديد!.
لدينا مقدمات برنامج جمعن المهنية والقدرات العالية والجمال، لكن اجتماع هذه الصفات يصعب وجوده للدرجة التي تكفي كل هذا العدد من الشاشات، كما أن الإعلام بشتى أنواعه لا يشترط على ممارسيه أن يتصفوا بالوسامة أو الجمال، لا أعرف أية كلية إعلام قبلت طلابها أو رفضتهم بناءً على أشكالهم، القنوات الإخبارية الأوروبية والأمريكية التي تقود إعلام العالم وصناعته لا تأخذ معيار الجمال شرطًا من شروط قبول المذيعات، شاهدوا قنوات البي بي سي الإنجليزية، أو القنوات الأمريكية، تجد مقدمة برامج في الستين من عمرها محملة بعشرات السنين من الخبرة، تنتج برنامجًا تملأه بالمهنية والمعرفة، بمثل هذه الخبرات والقدرات تصنع البرامج الناجحة، وبمثل هذا الفهم باختيار العناصر المناسبة والحفاظ عليها تستمر قوة القنوات التلفزيونية، أعرف العديد من الزميلات لديهن إمكانات فذة في التقديم والحوار لكنهن لم يحصلن على فرصتهن لأنهن لا يمتلكن المواصفات الجمالية المعتمدة عادةً في شاشات عالمنا العربي، بعض المسؤولين في قنواتنا العربية لا يصلحون لأن يختاروا مقدمات برامج، بل لأن يختاروا موظفات استقبال!.