نجوم هجرت الكرة للدراسة
التاريخ يحفظ للرياضيين السابقين في المملكة أنهم حملوا على عاتقهم السير بلعبة كرة القدم وسط أكوام من العراقيل والعقبات والحواجز، في ظل رفض مجتمعي آنذاك لكل منتمٍ للعبة كونها تمثل هدراً للوقت وانتقاصاً لمن يزاولها، فكانت ولادة الأندية صعبة ومتعسرة وممارستها نوعًا من أنواع المخاطرة بين الأسرة.
قصص كثيرة وحكايات تحكي ما تعرضت لها الأندية في مرحلة ما قبل وأثناء التأسيس ولم يسلم اللاعبون عند ممارستهم اللعبة في ذلك الوقت، ولعل الحادثة التي تعرض لها نجم دفاع النصر من الرعيل الأول سعود العفتان الشهير بسعود أبوحيدر رحمه الله بعد تعرضه لكسر في اليد وقيام زملائه بحمله لدى أحد المجبرين لتجبير يده ورفضه علاجه بعد علمه أن إصابته نتيجة سقوطه عند ممارسته الكرة دليل يؤكد صعوبة المرحلة، وهناك الكثير من المعاناة في جميع الأندية تحكي صعوبة المرحلة ولأن الحديث عن النصر فإنه يعتبر الكبير بين أقرانه الذي لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، فقد تدرج بشكل منطقي ومثالي من فريق في الحارة حيث اجتمع مجموعة من الشباب في الرياض يقودهم زيد الجبعاء وشقيقه حسين بدعم من شقيقهم الأكبر محمد يرحمهم الله إلى فريق في الدرجة الثانية ــ الأولى حالياً ــ إلى بطل للمنطقة الوسطى ومن ثم بطلاً للمملكة، فممثلاً لها في أول بطولة لكأس العالم للأندية، وهذا التسلسل لم يحدث في الأندية الأخرى من خلال متابعتي لتواريخها والتدرج في مراحلها التأسيسية.
تلك الحقبة الزمنية رغم نظرة المجتمع لممارسي الكرة إلا أنها كشفت من خلال سبر أغوار تلك المرحلة أن هناك لاعبين اهتموا بالتحصيل العلمي في درجاته العليا وهجروا الكرة في عز مجدهم وابتعثوا للخارج، ولاعبو النصر كان لهم السبق في الاتجاه للدراسة، فميزر أمان صاحب هدف الفوز بأول بطولة للنصرهجر الكرة في عز عنفوانه الكروي ونال درجة الماجستير مع مرتبة الشرف، وهو بالمناسبة كان يطلق عليه اللاعب المثقف لسعة اطلاعه وقراءاته الواسعة، وكذلك عبد الله بن صليح أحد نجوم الدفاع المبتعث للدراسة في الثمانينيات واللاعب خالد التركي الذي ابتعث ليعود حاملاً درجة الدكتوراه وينضم لعضوية مجلس الشورى وقبلها رئيسًا للاحتراف، وكذلك الدكتورعبد الرزاق أبو داود وأحمد عيد في الأهلي والدكتور عبد الرزاق بكر من الاتحاد وغيرهم الكثير، ما يدل على أن لاعبي تلك الفترة لم يكونوا من الطبقة الأقل في المجتمع تعليماً التي وصفت بالجيل الماضي
من اللاعبين.