2020-12-19 | 22:23 مقالات

المناضلون العرب

مشاركة الخبر      

هبت رياح التغيير في السنوات الأخيرة على العالم العربي، لتغير شكل الحياة وتعاطي المجتمعات مع محيطها، ما ساهم في تراجع الاهتمام بدعوات الكراهية والعنف التي قادت الشعوب إلى عقود طويلة من الانكسارات والتخلف في كثير من المجالات المهمة كالتعليم والصحة.
غير أن هذا التغيير ما زال يواجه حربًا شعواء من أصحاب العقول المتكلسة الذين توقف بهم الزمان في سبعينيات القرن الماضي.
وينتشر كثير من دعاة الممانعة والصمود في وسائل الإعلام العربية من الذين يتطوعون بخلاف سياسات قنواتهم وصحفهم التجارية، لمحاربة الاستعمار الغربي والتصدي للنفوذ الأمريكي في شرق المتوسط، خاصة أن أكثر هؤلاء لا يعلم أن الاستعمار رحل ولن يعود حتى لو خرجت الشعوب العربية في مظاهرات مليونية للمطالبة بعودته، ومع الأسف أن هؤلاء القوم ما زالوا يتمترسون في وسائل الإعلام للدفاع عن الأمة وشحذ الهمم لاختراع مصلٍ يقي الشباب العربي من البلهارسيا وشلل الأطفال وبقية الأمراض المنقرضة.
من حق الممانعين وغيرهم من أصحاب الخط النضالي أن يفرضوا قناعاتهم على مشاهدي قنواتهم الخاصة في “يوتيوب”، غير أن تسخير هؤلاء للمنابر المستقلة من أجل خدمة قناعاتهم البالية، بات أمرًا مستفزًا لا تفسير له في هذا الزمان إلا الترهل الإداري الذي منح أصحاب هذه العقول فرصة للتحرك ضد سياسات المؤسسات الإعلامية والدول التي تستضيفها، خاصة أن الإعلام التجاري يبحث بالدرجة الأولى عن الوصول إلى المشاهد من خلال تغطية الأحداث بشتى تصنيفاتها، وليس حجب الخبر بحسب موقف المذيع أو الناشر من الحدث!
تعمدت وسائل إعلام خاصة الأسبوع الماضي التعتيم على اتفاقية تمت بين الاتحاد الإماراتي ونظيره الإسرائيلي، ولم يشفع حضور رئيس الاتحاد الدولي جاني إنفانتينو للمناسبة بإعطاء الحدث ما يستحقه من تغطية إعلامية، بعدما غابت قنوات وصحف تجارية عن مراسم توقيع الاتفاقية بطريقة تبرهن أن الممانعين ما زالوا يواصلون نضالهم ضد الاستعمار على حساب حق المتلقي في الحصول على المعلومة.
ما حدث يعيد إلى الأذهان تعتيم وسائل الإعلام العربية على مباراة البرازيل وإيطاليا في مونديال 1982 بداعي أن الحكم كان إسرائيليًا، مع أن أهمية الحدث تكمن في مواجهة المنتخبين وليس في الحدث الهامشي المتمثل بوجود الحكم.. مع الأسف ما زالت هذه العقول تسيّر بعض وسائل الإعلام بالطريقة ذاتها التي كانت عليها قبل 38 عامًا، وما زال أصحاب القناعات البالية يمارسون الوصاية على المتلقي العربي لاعتقادهم أن لا وسيلة لمعرفة ما يدور في العالم غير ما يقولونه أو يكتبونه.