غراميّات مَرِحَة!
ـ الحبّ أناني!. سطر من رواية “الأحمر والأسود” لستندال: “الحُبّ الحقيقيّ لا تُفارِقهُ الأنانيّة”!. واستعبار الأغنيات وتأوّهاتها وأساها، مُثقلًا بتمنيّات أن يُجرّب المحبوب ندم الفراق وحسرة التضييع، لا ينتهي!. سَيْل لا أوّل ولا آخر له!.
ـ عبدالله فضالة أثقل جناح عروس الروض برسائله: “وإذا أبدت جفاءً وصدودًا، واعتسافا... فاتركيها إنها في ذا الوجودْ، ستُكافا... حين يأتيها زمانٌ فتريدْ، فتُجافا!... يا عروس الروض يا ذات الجناح يا حمامة”!.
فايزة أحمد انتظرت الغد للتّشفّي!. “شُوفْ” جبروت النساء يا رجل؟! تريد أن يلتقيا، هو يتحسّر ندمًا، وهي تشرب عصيرًا ويدها في يد محبوبها الجديد وعصافير السعادة تدور وتغنّي حولهما: “بُكْرا.. ح.. يجرّب أسايا... وأنا بتْهَنّا بهوايا”!.
عبدالكريم عبدالقادر، كان ألطف!. تشتكي له محبوبته ما تُعاني من قسوة الحياة ومشقّاتها، فلا يساعد ولا يواسي ولا يطرح حلولًا، مشغول فقط بأمنية أن يجد نفسه أحد أسباب هذه المُكَابَدَة: “كل ما شِكَا من عَنَاه وهَمّ غِرْبَالَه... آقول: لعلّ به جرحٍ من اسبابي”!.
سعدون جابر تخيّل أمانيه الشريرة وقد تحققت: “جتني الصبح وعيونها ذبلانه.. حِلْفَتْ يمين البارحه سهرانه.. مستاهله والله وحيل والله وحيل!.. روحي اشكي همّك لليل.. لليل!.. شفتي العِشِق شيسوّي آه يا فلانة”؟!.
ـ لا تصدّقوا حكاية أغنية سعدون جابر!. ولا جبروت نزار قباني حين قال: “السوط.. أصبح في يدي.. فتمزّقي بسياط حقدي”!. ولا غيرهما!.
العشّاق أضعف من هذا!، ثم إنّ هذه الأمور لا تحدث في الواقع، لا أحد يأتي!. الشعراء والعشاق المجروحون يتخيّلون فقط!.
ـ يتخيّل العشّاق مشاهد الانتقام ورؤية الحسرات في عيون من أحبّوا ولم يجدوا عندهم شعورًا متبادلًا!. تغلبهم وتقلبهم الأنانيّة فيصيرون أعداءً ألدّاء!. على الأقلّ في تمنيّاتهم وتخيّلاتهم!. ولا أدري إن كان من حسن الحظ أو من سوئه، أنّ أغلب الحكايات لا تذهب إلى تحقيق أحلامهم الشرّيرة هذه!.
ـ غالبًا، لا يأسف المحبوب ولا يتحسّر ولا يرجع نادمًا، بل لا يرجع أصلًا!. وهذا من حسن حظ المحبوب!. لكن نفس الأمر قد يكون من سُوء حظ المُحبّ!. لأنّ عدم تحقق أمانيه بالتّشفّي يبقيه بلا شفاء!. وبذلك يظل شرّيرًا، وهو في الحقيقة ليس كذلك!. هي لو تحققت فسيندم، ويتمنّى الخير، ويقدّم المساعدة بكرم ودون استعلاء، ولن يتشفّى ولن ينتقم ولن يسعد، وبذلك سيكون طيّبًا خيِّرًا لا شرّيرًا، أمام نفسه!.
ـ الحل الأفضل من هذا وذاك، أن يدخل هذا المحب المجروح حكاية حب جديدة تُنسيه كل هذه المآسي، حينها قد يلتقي أبطال الحب الأوّل، لا يعرف أحدهما الآخر أصلًا!. هنا تأخذ الأنانيّة شكلها الطّيب الكريم!، فالإنسان يتمنّى دائمًا الخير والسعادة لكل من لا يعرف!. الإنسان لا يتمنّى الشّر إلا لمن يعرف!. لمن يظنّ أنه يعرف!. لو لم نثق كثيرًا بمعرفتنا، ما كَرهْنا أحدًا وما كُرِهنا من أحد!.
ـ المهم، لا تصدّقوا الشعراء ولا العشّاق!. بالذات حين يكرهون!. من كلماتي يغنّي رابح صقر في جلسة: “أنا أنا لولاي أنا من تكونين”؟!. تجدونها على “اليوتيوب”!. أتذكر: كانت ثالث أو رابع قصيدة أكتبها في حياتي!. وفي اليوم الذي نُشِرت فيه، قضيت ساعات وساعات أمام قُرص التليفون، أُدير الرقم المشغول عشرات المرّات، وحين ردَّتْ، هذه التي مسحت فيها البلاط في القصيدة!، لم أقل، ولم أدور إلا على هذا المعنى: “انتي كل شي في حياتي.. أنا من غيرك ولا شي”!.
طبعًا، اكتشفت فيما بعد سبب انشغال التليفون الطويل!. وحياتكم!، كان نصف طلّاب صفّ ثالثة ثانوي “ألِف”، في ثانوية ابن طُفيل، يكلّمونها بالدّور!.
ـ “قفلة”:
العنوان مأخوذ من رواية “غراميات مرحة” لميلان كونديرا. نأخذ منها سطرين، ثلاثة، تحيّةً له: “..، وقلتُ لنفسي، مع مرور السنين، لم تعد النساء هنّ الأهم في هذه المُلَاحَقَة، بل المُلَاحَقَة بحدّ ذاتها!. ففي الإمكان مُلَاحَقَة عدد لا نهائي من النّساء كلّ يوم، بحيث تغدو المُلَاحَقَة مُلَاحَقَة مُطْلَقَة، لكن شريطة أن تكون منذ البداية بلا جدوى”!.