مسيرة البقمي..
وسيرة «الحمقى»
اعتدنا عندما يصلنا مقطع فيديو يتجاوز العشر دقائق على تجاهله أو البحث على من يحوّله إلى حكاية قد ننعس قبل نهايتها. هي طبيعة البشرية في زمن التقنية الحديثة التي جعلتنا نمرُّ مسرعين من أمام من يستحق التوقف عندهم..
في مقطع بثه الزميل محمد الخميسي مقدم برنامج “وينك” تجاوز الساعة، ترددت قبل أن أتابعه لطول المدة، لكني فضلت ضغط الزر التشغيل على مشاهدة مباراة مليئة بـ”التقطيع” أو فتح حسابات “التافهين” عبر وسائل التواصل الاجتماعي..
في الفيديو يتحدث الفريق أول محمد بن حمدان البقمي عن مسيرته الحافلة بالعصاميّة التي توجها بالإنجازات منها وصوله بأن يكون الضابط الشخصي المرافق للملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله – أكثر من 50 عامًا..
يتحدث بلهجته البدوية ومخارج حروفه الرنانة عن رحلة الذكريات وكيف استطاع أن ينجو من أنياب الذئب طفلًا عندما كان يرعى الإبل، قبل أن يلجأ إلى أعيان من قبيلته شابًا ليقنعوا والده بأن يسمح له بالالتحاق بالسلك العسكري ويطلب من دعوة وافقت بابًا مفتوحًا لدى الخالق سبحانه بعدها شكّل تؤامة لصيقة مع النجاح طيلة مسيرته، فسرد مواقف مع الملك فهد وبقية أبناء المؤسس وتطرق إلى تدرجه في المناصب العسكرية وتأسيسه للبعض من أجهزتها قبل أن يختم اللقاء بالحديث عن عالم الإبل وكيف أصبح أحد أهم ملاكها وحقق منجزات عدة..
من شاهد اللقاء يستمتع بسلاسة التفصيل والذاكرة الحديدية للضيف الثمانيني ويتمنى أن تتضاعف الساعة، شخصيًا لم أكن أعرف الفريق أول البقمي قبل اللقاء رغم أننيّ واكبت عهد حكم الملك فهد، وأدرك بأن الملايين يشابهونيّ، ولا يهمّ حينها من هم المقصرون في إبراز مثل تلك الشخصيات، فيومًا سنعرفهم وشكرًا لأسرة البرنامج لتقديم مثل هذه الشخصية الغنية بالطموح والإصرار المتناهييّن..
استفدت من اللقاء بأن قطار الحياة السريع الذي نعيشه يجب ألا يجعلنا نتخطى محطات مهمة لرجال خدموا الوطن وتشكل سيرتهم ومسيرتهم إلهامًا، وتغني مشاهدة عطاءاتهم ورحلاتهم عن مئات الدورات في التطوير، لذا، علينا أن نستثمر من مقاطع الفيديو ما يفيدنا ويجعل البريق يدخل إلى نفوسنا فيضيء طريقنا بدلًا من أن نكنزها بالظلام الدامس الذي يخلفه متابعة الحمقى من مشاهير “السوشال ميديا” وتصديرهم إلى التفاهات في قالب الحلى، لكن في حقيقته أمر من العلقم.. فلنسعَ لأن نربي النشء على متابعة خطوات الناجحين، وكيف وصلوا إلى أهدافهم، فمن المؤكد أنهم سيتركون أثرًا وتأثيرًا في نفوسهم.. ويستفيدون من رحلة العصامية والإنجازات ويبتعدون عن سيرة “الحمقى” الذين ملؤوا زمننا وأجهزتنا.