في بيتنا
كائن فضائي!
- بالنسبة لمن هُم في سنّي، يُفترَض أو من الطبيعي، أنْ لا يشغلهم كثيرًا اليوم هذا الموضوع: دماغ المراهقين!. لأنّ جميع الأبناء، في الغالب، تخطّوا هذه المرحلة الحرجة بالفعل أيًّا كانت النتائج!. بالنسبة لي، الأمر يختلف: تأخرتُ في الزواج، وأولادي الآن، منهم من دخل فعليًّا مرحلة المراهقة، ومنهم من اقترب منها، ولله الحمد والشكر والفضل والمِنّة.
- أحد الكُتُب الجميلة التي تتحدث عن هذه المرحلة، هو كتاب “دماغ المراهقين”. لـ “فرنسيس جينسين” بالتعاون مع “آمي إليس نات”. واحدة من أهم وصايا الكتاب، تجنُّب الآباء والأمّهات هذه الأشياء الأربعة: الجزع، الاستهزاء، التّقريع، والرّفض المباشر!. مع إضافة شيء خامس، ليسهل تذكّر الأمر بالعدّ على الأصابع: ألّا يكون كلامنا الموجّه إليهم مُتضاربًا: “.. يكمن جزء من مشكلة فهم المُراهقين فينا، أيّ في البالغين، إذ إنّنا نُرسل إليهم في كثير من الأحيان رسائل مختلطة”!.
- هل تلقّيتَ ضربة على رأسك عند رؤية ابنك يُدخِّن مثلًا؟! الأكيد أنّك تلقّيت ضربة ما، موجعة فيما يخصّ تصرّف ابنك أو ابنتك!. لا شكّ أنّك مسؤول عن هذا التّصرّف المُراهق بشكل أو بآخر، وبدرجة أو بأخرى!. لكن…
- أنْ تشدّ شَعرك..، تفرك أصابعك..، يُسهرِك الأرق ويطرد عنك النّوم..، كلّ هذه أمور لن تنفعك بشيء، ولن تقودك إلى شيء، كما أنّها ستُثقِل على “المراهق” في بيتك، هذا فيما لو أحسّ بها وأعطاها شيئًا من الاهتمام!.
- اهدأ، وتأكّد من أنّ طفلك لم يعد طفلًا، لكنه لم يصبح بالغًا أيضًا، وأنّه ليس مذنبًا بهذا القدْر الذي تحكم به عليه. لا تضربه، هو من غير ذلك تلقّى ضربة ما: “المُراهِق كمن تلقّى ضربة على رأسه واستيقظ ليجد نفسه مخلوقًا فضائيًّا من كوكب البالغين”!.
- لا بدّ من وسائل أُخرى أكثر جدوى لتخطّي هذه الفترة العاصفة، فترة ما بين الطفولة والبلوغ. دماغ المراهق عجيب!، وفيه عوالِم لا تدري ما هي!. ربّما لن ينفعك حتى استرجاعك لماضيك، ولأيّامك حين كنت مراهقًا، لمعرفة ما يدور في ذهن أيّ مراهق آخر، حتى لو كان ذلك المراهق ابنك أو ابنتك!. المراهقة حقل أحلام وألغام!.
- يبدأ الكتاب بلافتة لشكسبير: “أتمنّى لو لم يكن هناك عمر بين الثالثة عشرة والثالثة والعشرين، أو أن ينام الشباب خلال هذه الفترة لأنّ لا شيء بين هذين العُمرين سوى الإساءة لكبار السِّنّ، والسّرقة والشّجار..”!.
- لا تقلق، المسألة ليست بهذا السوء الشكسبيري!. كما أنّ الهرمونات ليست بهذا السُّوء حيثُ سُمعتها بين النّاس!. ولسوف يسهل الأمر عليك فيما لو رضيت بما ليس منه بدّ، وهو أنّ الأمور في هذه المرحلة بالذّات، لن تسير وفقًا للخطّة!. هذا لا يعني التّوقف عن الخطط والتّدابير: “دعوا المراهقين يُجرّبون تلك الأشياء غير المؤذية لئلّا يتمرّدوا ويقعوا في مشاكل أكثر خطورة… جرّبوا ألّا تُركّزوا على ربح معركة وإنما على ربح الحرب بكاملها..”!.
- امسك أعصابك وأطلق عصبوناتك!. العصبونات.. هذا هو اسمها!، مضحك بعض الشيء.. أليس كذلك؟! عمومًا هي نوع فريد من الخلايا في الدّماغ ذات تواصل كهربائي، وهناك مئة مليار عصبون في الدّماغ البشري، لو وضعتها وراء بعضها لامتدّت لتلفّ الكُرَة الأرضيّة أربع مرّات!، …: “وإنْ كنتَ تتعلّم شيئًا الآن وأنت تقرأ فعصبوناتك ستتغيّر خلال خمسين دقيقة لينشأ مزيد من التّشابكات والمُستقبِلات حيث تبدأ التّغيّرات خلال أجزاء من الثّانية من تعلُّم شيء جديد وقد تحدث خلال دقائق وساعات”!.
- كُوب المساحة اقترب من الامتلاء!. هل تذكرون الوصايا الخمس؟! أفرِدوا لهذه السادسة مكانًا لائقًا: كونوا مَرِنِين دائمًا، تعلّموا كيف تكونون كذلك من أجل أنفسكم ومن أجل أولادكم. مارسوا الرّياضة، فإنْ اقتربتم منّي أكثر سأهمس في آذانكم: وتعلّموا الرّقص!.
- في تجربة غير اعتياديّة أُجريت في جامعة (ماكغيل) أظهرت النتائج “أنّ تعلّم الرّقص الذي يشمل حركات معقّدة وإحساسًا دقيقًا بالتّوازن، يُطوّر قُدْرَة الأفراد كبار السّنّ،…، على التّبديل بين مهمّتين فكريتين مختلفتين، أيّ أنّ (المُرونة) طريقة أُخرى لقول (التّعلّم)..”!.
- في وقت لاحق سنرجع بإذن الله لهذا الكتاب المفيد والممتع: “دماغ المراهقين”!