لا تصبر
بما فيه الكفاية!
ـ مَرَّ بي.. قال:..
ـ لا تصبر على صاحبك بما فيه الكفاية!. اصبر فوق ما فيه الكفاية وأَطِلْ وأكثِر، وأكْرِمْ وأنعِم!.
ـ صبرك بما فيه الكفاية هذا حقّ النّاس عليك، إنْ أنتَ لم تصبر على أي إنسان بما فيه الكفاية فقد بخسته حقّه وقصّرت في واجبك!.
ـ لو قال لك أحدهم: لقد صبرتُ على فلان بما هو أقلّ من الكفاية!. في الغالب ستجد أنّه لم يُحسن التّصرّف، أو على الأقلّ لم يَقُم بما كان عليه القيام به على الوجه الأتمّ الأمثل!.
ـ هي حتمًا ليست نفس: “صبرتُ على فلان بما فيه الكفاية”، وبالتأكيد، فإنّ هذه الأخيرة أكرم وأطيب وأمثل، لكنها في النهاية واجبك وحقّه ليس أكثر!. كَوْنُ ما تحتها أقلّ منها وأقصر، لا يعني أنها ضخمة وفخمة وكافية ووافية وواقية وراقية إلى الحدّ الذي يمكن لك الرّكون إليه!.
ـ اصبر على صديقك وصاحبك فوق ما فيه الكفاية، من هنا يبدأ العَدّ!. هذا حقّ الصّاحب والصّديق، وأنت وحدك من يعرف قيمة ومقدار هذا الحق!.
ـ تذكّر أيامك الطّيبة ومواقفه الكريمة معك، الضّحكات والأجواء الصّافية، تطييبه لخاطرك ذات يوم، إعانته لك في لحظةٍ ما، رِضَاهُ بمنقصةٍ منكَ فلا يُمكن لك مهما ظننتَ أنْ تكون كامل الأوصاف طول العمر وكل الوقت!. ساعات البشاشة وومضات الانتعاشة التي لقيتها منه وبسببه ومعه،..
وأعط هذه الأيام والمواقف والذّكريات حقّها وأكْرِم!.
ـ من قمّة الودّ يبدأ العَدّ: لا هزيمة في شِيمَة، ولا انتصار في انحدار!.
ـ قلتُ: هذا عن الصّاحب والصّديق فماذا عن القريب؟!
قال: القريب لا حدّ للصبر عليه، ما لم تكن مَظْلَمة بيّنة لا سبيل لغير مقاضاته عليها، والرِّضا بما قسم الله لك وله فيها وفي غيرها!. فإنْ كان لا بدّ ممّا ليس منه بدّ، فاحرص على ألّا تُساهم في قطع صلّة الأقرب إليك رحمًا منه.. به!. وتحيّن الفُرص للمصالحة والمُسامحة. تحيّنها؛ وإنْ قَدِرْتَ على صُنعها فاصنعها!.
ـ ولا تنس الجار.. وإنْ جار!. احرص على الثلاثة: الصاحب والقريب والجار. الصاحب قريب وجار، والقريب جار وصاحب، والجار صاحب وقريب!. لا تذمّهم ولا تكشف من سترهم ما عرفت ولا ترضى على أحدٍ منهم مهانةً ولا تقبل من غيرهم كلامًا يُرضيكَ ويسيئهم!.
ـ كلٌّ من عند الله، لكن الجار قرّبه إليك دربك، والصّديق قرّبه إليك قلبك، والقريب قرّبه إليك ربّك!.
ـ قلتُ: زِدْنِي. قال: بيتكَ ومن فيه أوْلى.. بيتك ومن فيه أوْلَى.. بيتكَ ومن فيه أوْلى.
غاب وراء السّحاب وهو يكرّرها!.