2022-10-16 | 23:02 مقالات

دروب الـ «سوشال ميديا»

مشاركة الخبر      

أقرأ، وأشاهد، وأسمع عن التحذيرات حول ضياع أوقاتنا في الـ “سوشال ميديا”، وأتَّفق مع هذه التحذيرات إذا كان وقتنا الذي أعطيناه لهذه المواقع قد ضاع على مشاهدة، أو قراءة ما لا ينفع، أما إذا كان فيما يفيد، فإن الـ “سوشال ميديا” من وجهة نظري أهمُّ ما حصل عليه سكان كوكبنا اليوم.
والسبب فيما ذهبت إليه، أنك تجدُ في مواقع التواصل الاجتماعي حسابات العلماء والأدباء والمفكرين، وآلاف النافعين. إذًا المسألةُ ترتبط بما نسلكه في دروب الـ “سوشال ميديا”، فهناك دروبٌ مضرَّة، وأخرى نافعة، بل إن بعضهم يُثقِّف نفسه بنفسه، ويتعلَّم من هذه المواقع.
لست من رواد “فيسبوك”، لكنني أخذت جولةً، امتدَّت ساعةً ونصف الساعة في المنصَّة، وقرأتُ فيها ما جعلني أتأمَّل طويلًا. قرأت قصَّتَين صغيرتَين، لكنَّ أبعادهما أعمقُ وأكثرُ من أعداد كلماتهما القليلة. المؤسف أن كثيرًا ممَّا يُنشَر، لا يُذكر فيه اسم كاتبه، لكننا نشكر مَن كتبه، حتى إن لم نعرفه طالما أنه أفادنا.
* كان هناك أربعة طلاب جامعيين، قضوا ليلتهم في الاحتفال والمرح، ولم يستعدُّوا لامتحانهم، المقرَّر في اليوم التالي. في الصباح، اتَّفق أربعتهم على خطة ذكية، حيث قاموا بتلطيخ أنفسهم بالوحل، واتَّجهوا مباشرةً إلى عميد الكلية، وأخبروه بأنهم ذهبوا لحضور حفل زفاف يوم أمس، وفي طريق العودة انفجر أحد إطارات سيارتهم، واضطروا إلى دفعها طول الطريق، لذا هم ليسوا في وضع مناسب يسمح لهم بخوض الاختبار. فكَّر العميد بضع دقائق، ثم أخبرهم أنه سيؤجِّل امتحانهم ثلاثة أيام، فشكره الطلاب، ووعدوه بالتحضير جيدًا للاختبار، وفي الموعد المقرَّر، جاؤوا إلى قاعة الامتحان، فأخبرهم العميد أنه نظرًا لهذا الظرف الخاص، سيتمُّ وضع كل طالب في قاعة منفصلة، ولم يرفض أيٌّ منهم الأمر، فقد كانوا مستعدين جيدًا. كان الامتحان يشتمل على سؤالين فقط.
السؤال الأول: ما هو اسمك؟ “علامة واحدة”.
السؤال الثاني: أي إطارات السيارة انفجر يوم حفل الزفاف؟ انتهت القصة بانقطاع الحبل، حبل الكذب.
* اجتمع عددٌ من أصدقاء الجامعة معًا بعد فراق طويل في منزل مدرِّسهم، الذي أشرف عليهم في الجامعة، وما لبث أن تحوَّل الحديث فيما بينهم إلى شكوى وتذمُّر من عملهم وحياتهم في ذلك الوقت. نهض الأستاذ واتَّجه إلى مطبخه ليعدَّ القهوة، ثم عاد بعد دقائق يحمل “صينيةً”، عليها عددٌ من الأكواب، منها ما هو أنيقٌ وجميلٌ من الكريستال ومن الزجاج اللامع، وأخرى صُنعت من البلاستيك، أو الزجاج الشاحب رخيص الثمن. دعا الأستاذ طلابه إلى التفضُّل وأخذ كوب من القهوة. بعد أن احتسى كلٌّ منهم كوبه، أردف الأستاذ قائلًا: “هل لاحظتم أن الأكواب الرخيصة الباهتة هي فقط التي بقيت على الطاولة، فيما تمَّ أخذ جميع الأكواب الكريستالية الباهظة؟ وفي الوقت الذي من المنطقي أن يرغب كل واحد في الحصول على الأفضل لنفسه، لكن يبقى هذا السبب وراء كل المشكلات والتوترات في الحياة. الكوب نفسه لن يضيف أي قيمة للقهوة، ولن يغيِّر مذاقها، ففي معظم الأحيان هو أعلى سعرًا فقط، ويخفي المشروب الذي تحتسيه”. صمت الأستاذ قليلًا ثم واصل: “ما ترغبون فيه جميعًا هو القهوة، وليس الكوب، لكنكم مع ذلك وبكل وعي أخذتم تبحثون عن أجمل الأكواب ومقارنتها بأكواب زملائكم! كذلك الأمر مع وظائفكم، وعائلاتكم، وكل ممتلكاتكم الأخرى، ما تملكونه لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على جودة حياتكم!”.