العالم
الذي نعيش
- مقال اليوم من أخبار العالم الذي نعيش، ولاحظت أن كل الأخبار السابقة التي نشرتها وعلقت عليها كانت صناعة بشرية 100 %. أي أن أخبار المشاكل والغرائب والعجائب صنعها الإنسان لنفسه أو لأخيه الإنسان، ولو أنه كان عاقلًا وترك الطمع والكذب لما وُجدت معظم هذه الأخبار، ولصار العالم أفضل وأجمل بكثير، لكن التاريخ يقول إن العالم لم يخلُ يومًا من المشاكل التي يسببها الطمع والكذب، لأن هناك دائمًا من يغلبهم طمعهم، ويتسيدهم كذبهم.
كنت قد اخترت خبرًا لكن المساحة الماضية لم تكفِ لنشره والتعليق عليه، ومع أنه لم يصبح خبرًا جديدًا إلا أن له مدلولات مهمة يمكن الاستفادة منها. في الهند فاز باليانصيب الكبير مواطن هندي اسمه (أنوب)، وبلغت الجائزة 3.1 مليون دولار، وعندما علم أنوب بفوزه ظن أن حياته تغيرت، وظنّه كان صحيحًا، لكن ذلك لا يعني أنه تغيير للأفضل، فالحصول على المال وهو المال لا يعني بالضرورة أنه ضمانة لحياة أفضل. تجمع الجيران وأبناء المنطقة بالمئات حول بيت أنوب وطالبوه بمساعدتهم، وجاء الأعمام والأخوال من كل أنحاء الهند، أما الأعمام فقالوا له: إياك أن تساعد أخوالك الذين لم يعاملوا والدك بما يليق به. ولم يكن الأخوال أقل طمعًا من الأعمام لأنهم قالوا لأنوب: إياك أن تساعد أعمامك الذين لم يحترموا والدتك يومًا.. لقد جاء وقت عقابهم. الناس المجتمعون حول بيت أنوب غاضبين، لأنه لم يعطهم من أموال الجائزة، وحاول أنوب إقناعهم بأنه لم يستلم المال لغاية الآن فكيف يعطيهم من شيء لم يصل إليه؟ المئات الذين صاروا ينامون حول بيت أنوب جميعهم كانوا قبل الجائزة يأكلون ويشربون وينامون، أي أنهم لم يكونوا في حقيقتهم بحاجة لمال أنوب، لكنه الطمع، والطمع متبوع بالذل كفانا الله الشر.
- في رومانيا اتفق السكان مع حلاق الحي أن يرفع أجره 50 % مقابل أن يترك الثرثرة ويلتزم الصمت، ووقعوا ورقة علقت على واجهة المحل كوثيقة لما اتفق عليه، نفذ الحلاق الخمسيني تشيكالداو الاتفاقية بصمت، ومع أنه صار يحصل على أجر أكبر، إلا أنه وبعد شهرين قام بتمزيق الاتفاقية معلنًا انسحابه ورفضه الاستمرار متخليًا عن الـ 50 %. وبرر تشيكالداو انسحابه بأن العمل أصبح لا يطاق، وأن حياته تحولت إلى حياة كئيبة جافة، وأنه لا يعمل من أجل كسب المال فقط، بل من أجل الالتقاء بالناس والتحدث معهم وأضاف (تكفيني ساعة عمل واحدة من أجل تأمين طعامي ليوم واحد، لكني أعمل 8 ساعات يوميًا، حياتي قائمة على تأثري بقصص ومشاعر الناس، لقد حولوني باتفاقيتهم إلى آلة، وأنا لست آلة!) اتفق مع كل ما ذكرته يا تشيكالداو، لكن سكان الحي لم يضطروا لكتابة الاتفاقية معك ودفع أجورًا أكبر دون سبب، يبدو أنك ثرثار كبير، وكعادة معظم الحلاقين، تفهم بالسياسة والخياطة والرياضة والاقتصاد والحلويات والأدب والعصائر والملابس ومع كل هذه المواهب إلا أنك لا تمارس إلا الحلاقة.