2022-11-13 | 23:10 مقالات

8 مليارات

مشاركة الخبر      

بالأمس صار عدد سكان العالم 8 مليارات، والله أعلم إن كان هذا العدد هو أعلى عدد للبشر في تاريخ الأرض، العلم أوصلنا لهذا الرقم، والحروب حرمتنا من رقم أعلى، والعالم اليوم بسبب تقدمه العلمي بين خيارين، إما أن يستثمر تطوره لحياة كريمة للجميع، أو أن يجر العالم إلى مستوى تتباين فيه الفوارق بشكل مخيف أكثر مما هو حاصل.
ففي الوقت الذي يوجد فيه 2668 مليارديرًا في العالم زادهم الله من فضله، يوجد 800 مليون إنسان يعيشون تحت خط الفقر، وفي الوقت الذي وصل فيه التعليم إلى أعلى المستويات هناك 17 % من سكان العالم لا يعرفون القراءة والكتابة، وفي أماكن من كل أنحاء العالم يُرمى 17 % من الطعام في براميل القمامة، بينما حوالي 11 شخصًا يموتون كل دقيقة بسبب الجوع وسوء التغذية، ومع أن العمران جعل من القرى والبلدات مدنًا إلا أن نسبة كبيرة من البشر يقضون حياتهم كاملة دون أن يمتلكون بيتًا. لا عدد يحصر ثروات البر والبحر، ولم تتوقف يومًا المطابع من طبع المال، لكن البشر إلى الآن لم يصلوا إلى الحياة التي لا يموت فيها إنسان من الجوع بينما يرمى طعام، ولا يعيش جزء بالفقر البشع بينما تمتلئ بنوك العالم بالأموال والذهب. حلول المشاكل لا تحتاج إلى علماء اقتصاد ولا نظريات جديدة، بل تحتاج إلى الرحمة بين الناس، وفهم الحياة بأنها رحلة، ونجاح الإنسان فيها في التأثير بالخير. من مشاكل عالمنا أن الآلة الإعلامية السائدة تُوجّه الإنسان نحو التملك لا العطاء، تُحرّضه على أن يمتلك ما ليس بحاجة حقيقية إليه، تُصوّر له أن نجاحه في ممتلكاته وأن تَميُّزه يكمن في حصوله على ما ارتفع ثمنه، هكذا تدفع الآلة التجارية الإنسان إلى سباق لا ينتهي، ينسى فيه المتسابقون واجباتهم تجاه شركائهم في الحياة، أنا من الناس الذين يتذكرون عندما كان عدد السكان يبلغ 5 مليار نسمة، وكان عدد البشر في العام 1980 يبلغ 4.433 مليار نسمة، ومنذ تلك السنة إلى اليوم زاد التطور في كل شيء، في الصحة والتعليم والصناعة والتقنية والاقتصاد، لكن كل هذه الزيادات لم تنهِ صور الجوع التي حصل خلالها المصورون على جوائز مهرجانات التصوير، ولا الأرقام المحزنة عن نسبة الأطفال المحرومين من التعليم والغذاء الكافي، ولا أظن أن الأرقام ستتراجع، لأن العالم مستمر في ما هو عليه. مرَّ خبر وصول أعداد البشر إلى 8 مليارات دون اهتمام، فالعالم مشغول في خلافاته ومناسباته، بينما ينسى أهم واجباته في مساعدة أخيه الإنسان وتبديل ظروفه للأفضل، 8 مليار إنسان لا يقللون من ثروات الأرض، بل إنهم قوة كبرى إذا تعاونوا من أجل عالم أجمل.