وفاء الكبار.. كريستيانو رونالدو
في السنوات الأولى لتألّق كريستيانو رونالدو كنت لا أراه يستحق كل هذا المديح الذي أقرأه وأسمعه، كانوا يضعونه كواحد من أبرز ثلاثة لاعبيين حاليين، وكنت أرى أن ذلك مبالغ فيه.
حتى أني سعدت عندما سمعت رأي اللاعب السابق رضا عبد العال الذي قال بما معناه أن رونالدو يسجل الأهداف لأن كل الفريق في خدمته هو فقط، وأنه يسجل من فرص كثيرة وليست نادرة، ووجدت نفسي أتبنى هذا الرأي، وأدخل في نقاشات مع محبي رونالدو تنتهي دون تغيير آرائي، مع الكثير من الجُمل التي تشير إلى عدم معرفتهم بالكرة! مع الوقت بدأت أتخلى عن آرائي، وصار واضحًا لي أن رونالدو أكبر من رؤيتي الضيقة لهذا اللاعب الأسطوري، وأنني كنت متمسكًا برأيي عن كريستيانو بدوافع لا أعرف مسبباتها، قد تكون عدم فهمي بالكرة، أو قد تكون غيرة عميقة من شخص مشهور شهرة عالمية ووسيم ومحبوب وثري، أما رأي الكابتن رضا فتخليت عنه وأصبحت أراه رأيًا بعيدًا عن المنطق، فمهمة كل اللاعبين هي إيصال الكرة للمهاجم، ويكفيه أن يسجل هدفًا أو هدفين من كل الفرص المتاحة من كل مباراة، وهذا ما كان يحققه رونالدو ولا يحققه غيره، هكذا رحت في السنوات الأخيرة أرى رونالدو أسطورة من أساطير الكرة، ونموذجًا للاعب الذي يحافظ على صحته ويزيد من تدريباته للمحافظة على مستواه وإطالة سنواته في الملاعب. رونالدو ذهب نجمًا إلى ريال مدريد، وفي الريال تحديدًا أصبح ملكًا، ولو اعتزل قبل 5 سنوات من اليوم لكفاه، فقد سجل نفسه في سجل أساطير الكرة، لكنه استمر لأنه قادر على العطاء دون نزول في المستوى. اليوم رونالدو في مانشستر يونايتد في وضع لا يليق بمكانته، ولو كنت أعرفه قبل انتقاله لقلت له لا تذهب خارج أسوار الريال فهذه مملكتك، وإذا تجاوزت حدودها فستفقد لقبك ومكانتك. ومع أنه شخصية ذكية إلا أنه أخطأ بتعديه أسوار الريال، وصحيح أنه عاد إلى مانشستر لكنه لم يعد إلى مانشستر فيرجسون بل مانشستر آخر بوجوه لا يعرفها. بالأمس تداول الإعلام مقاطع من لقاء لرونالدو قال فيه كلامًا يوضح ما يعانيه في النادي، وأن الإدارة لا تعامله بالصورة اللائقة، وأنها خانته عندما حاولت إجباره على الرحيل في العام الماضي، وأن مدير الفريق لا يظهر احترامه له ، وأنه نادم على مغادرته الريال الذي كان يعامله معاملة رائعة تليق بلاعب في حجمه. عندما سمعت كلام رونالدو تذكرت المثل الشعبي (من طلع من داره قل مقداره) وهو مثل في أغلب الأحوال صحيح. في حديث رونالدو شيء يوضع صفة الوفاء التي في أعماق رونالدو، فهو لم يغادر الريال من أجل الذهاب لمانشستر يونايتد بل لمانشستر سيتي، لكن مكالمة من مدربه السابق السير فيرجسون حولت طريقه إلى يونايتد عندما قال له فيرجسون: لا تكن خائنًا وتذهب إلى مانشستر ستي، تعال إلى مانشستر يونايتد، ولم يجبه رونالدو إلا بحاضر سيدي! كان وفاءً باهظ الثمن.