2023-04-09 | 00:38 مقالات

الإسلام والرياضة

مشاركة الخبر      

من متون كتب التراث والسيرة والتاريخ، ومؤلفات مفكري الحضارة العربية والمسلمة، من الذين عنوا أو تطرقوا إلى الجانب الرياضي، عند العرب في المجتمعات المسلمة، اجترح تركي الناصر السديري مدخلًا غائرًا في تاريخ الرياضة، جمع ما بحثه وما تأمله واستنتجه بين دفتي كتاب “الإسلام والرياضة”، فأخرج لنا ببحثه وجهده ومعرفته الواسعة ما وصفه بـ “لمحات من تاريخ الألعاب والمناشط الرياضية البدنية في المجتمع العربي المسلم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة”.
وهو ما كان غير معلوم عند الكثير من المهتمين والدارسين للرياضة والتربية البدنية، ولم يجد للأسف اهتمامًا حتى بعد صدور هذا الكتاب القيّم الكاشف لما كانت عليه الرياضة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته.
ومما يثير الدهشة أن الإشارة في مقدمة “الرياضة والإسلام” إلى أن المدينة المنورة كانت المكوّن الأول لمبادئ الرياضة المعروفة الآن بـ “الروح الرياضية” و”المنافسة العادلة“ و”الممارسة النظيفة” و”حقوق الإنسان الرياضية” التي يصطلح على تسميتها بـ “الرياضة”، حيث سبق العرب غيرهم بهذا التوصيف بألف عام لاختلاف تسمية “الرياضة” التي تشكّل جذر الرياضة الحديثة المعاصرة عن ما في العصور التي سبقتها، تلك المؤطرة في اللعب والحركة والنشاط البدني، فكان ذلك بمثابة تأسيس جديد للرياضة، وصفها المؤلف بالرياضة الإنسانية، دشنها الرسول الأعظم سنة 6 من الهجرة.
الكتاب الثري بالمعلومات المستخرجة من أكثر من 100 مرجع، جلها من أمهات الكتب، يكشف عن كيف كان دور مدينة الحبيب المصطفى حاضنة لرياضات الألعاب والمناشط البدنية الحركية التي مارسها العرب في مجتمعاتهم المسلمة، تجاوزت الـ 137 نوعًا، ومن بينها ألعاب الكرة في لعبة الصولجان التي يمكن أن تعد أول أنواع ألعاب الكرة الجماعية، التي عرفتها مجتمعات التأريخ الإنساني، وتتعدد طرق لعبها بالقدم واليد قذفًا وركلًا، وعلى أنها عرفت منذ زمن الجاهلية، إلا أنها في زمن رسول الله وجد لها قيم ومبادئ ممارسة، ومنافسة رياضية.
نتفق أن المكتبة الرياضية العربية فقيرة، وأن القادرين على التأليف من أكاديميين متخصصين أو مهتمين بالرياضة وغيرهم، أهملوا الأهم وتاهوا فيما لا أهمية له، لذا فإن ما بذله تركي الناصر السديري وهو الإعلامي والمثقف، من جهد بحثي مضنٍ، دفع بالرياضة إلى المكانة الأسمى، في زمن حوّلها البعض لدركها الأدنى، وكان من الأولى أن يحظى منجزه المعرفي بما يستحق على المستويين الرسمي والشعبي، إلا أن ذلك لم يحدث، لكن حسبه أنه فعل.