طاحت طيحي.. والذهب
ـ ما الذي يدفع البعض أن يتمنوا حدوث مشكلة لشخص لا يعرفونه؟ هل الإغراء في الاستماع لقصة جديدة، أو مشاهدة حادثة مثيرة تقع لغيرهم؟
في فيديو شهير يصور أحدهم بكاميرته اهتزاز حمولة من على سيارة شحن، كان الذي يصور ورفيقه يرددان: طاحت طيحي.. طيحي طاحت! لماذا كانا يتمنيان وقوع الحمولة وتكبد صاحب السيارة الخسارة، بالإضافة للخطر الذي سيسببه وقوع الحمولة؟ هل كانا يريدان مشاهدة مجانية لمنظر مثير؟
قبل أسبوع كنت أجلس مع أحد الأصدقاء في مقهى، ثم سمعنا صوت فرامل من إحدى السيارات، كان الصوت قويًا، أثناء ذلك قال صاحبي: اصدمه! الحمد لله أننا لم نسمع صوت تصادم، ثم استغفر صاحبي وعاتب نفسه. لم يكن شريرًا، بل طيب القلب سريع الدمعة، كريم يوجه عطاءه للمحتاجين.
ولا أظن أن أصحاب طاحت طيحي أشرارًا، بل ربما من أطيب الناس. لكنه سلوك غريب عن بعض الناس ويثير التساؤل! عندما فكرت في الأمر عادت بي الذاكرة للطفولة، كنا ونحن أطفالًا نحب «الهوشات» شريطة ألا نكون طرفًا فيها، نحب مشاهدتها، وأتذكر أن أحد السائقين عندما نزل من سيارته متوجهًا بغضب للسيارة التي خلفه رددنا فورًا وبصوت عال: صارت صارت صارت.. كنا نرددها بلحن مثلما كان يرددها الذين سبقونا، فنحن ورثناها منهم، وصارت تعني أن «الهوشة» قد حدثت، وكنا نرددها قبل أن تحدث! كنا نريدها أن تحدث! لا يوجد عندي تفسير سوى أن الإنسان في أحيان معينة يغلّب الجانب القاسي في داخله على حساب الجانب الطيّب، ربما يفعل ذلك في غفلة منه، في غفلة من حقيقته، لأنه إذا ما انتبه لقسوته سيعود لواقعية أنه لا يريد أن يرى الناس في حالة غير جيدة.
ـ حكاية وصلتني عبر «الواتساب»، لا تُقرأ كتسلية بل كعبرة لمن كتبت من أجله «باع رجل بخيل قطعة أرض مقابل كيس من الذهب، فقام بدفن الذهب في الأرض ليلًا بجوار شجرة قرب بيته، وكان كل يوم يذهب ويتفقد الكيس. مرت السنوات وفي أحد الأيام رأى أحد المتشردين البخيل يتجه إلى مكان الذهب فتبعه واكتشف سر الذهب المخفي، وعندما عاد البخيل إلى بيته اتجه المشرد إلى الذهب وسرقه، وفي اليوم التالي اكتشف البخيل أن ذهبه قد سرق فبدأ يبكي، فرآه أحد الجيران وسأله ما الذي يبكيك؟ فقص عليه ما حدث، فقال جاره: لا عليك.. لا تبكي. خذ مجموعة من الحجارة وضعها في كيس الذهب وقم بزيارتها كل يوم كما كنت تفعل مع الذهب، فالأمر لا يختلف عليك فكنزك مدفون حتى تموت».