كلام في الإعلام
أعتقد أن مستقبل الإعلام سيلغي المسميات المعتادة لوسائل الإعلام مثل تلفزيون وإذاعة وصحيفة، وستكتفي هذه الوسائل بالأسماء التي أطلقها عليها ملاّكها دون تحديد إن كانت محطة تلفزيونية أو صحيفة، لأن كل الوسائل المعتادة قبل السوشال ميديا اضطرت لمجاراة التغيير، أصبحت الإذاعة تقدم برامج مصوّرة ونصوصًا مكتوبة، والصحف صار عندها برامج مرئية، والقنوات المرئية صار عندها برامج مسموعة. وهذا التحول هو أفضل ما فعلته للبقاء، ولو لم تفعل لغادرت مثل وسائل الإعلام التي غادرت معتقدة أن زمنها قد فات. قبل عشر سنوات سمعت من قال إن زمن الإذاعة انتهى، وإن الزمن الحالي هو زمن «البودكاست» الصوتي حيث يستطيع المستمع تحديد أوقات استماعه، ثم ثبت خطأ هذا التقدير، وما حدث أن الإذاعة بقيت لأنها وسيلة تواصل مباشر مع المستمعين، وبرامج البودكاست لا تستقبل اتصالات المستمعين ومشاركاتهم، كما أن الإذاعات اضطرت لتقديم برامج «بودكاست» صوتية ليستمع لها جمهور البودكاست في الوقت الذي يريد. التلفزيونات قدمت المسموع والمكتوب لكن ما نفعها كثيرًا أنها تستطيع تقديم محتوى لا يستطيع الأفراد على «يوتيوب» تقديمه، كما أن الجمهور في الأحداث يتحول إلى جمهور تلفزيوني ليحصل على التغطيات الواسعة والمكثفة. يبقى التحدي الكبير لوسائل الإعلام ما قبل السوشال ميديا في تعويض ما فقدته من الإعلانات التجارية التي تقاسمها معهم نجوم السوشال ميديا، ومع أن الإعلانات على الوسائل الإعلامية المعروفة أكثر ثقة عند الجمهور إلا أن السوق الإعلاني تم اقتسامه بصورة «خنقت» الوسائل الإعلامية ما قبل السوشال ميديا. أما التحدي عند نجوم السوشال ميديا هو تحويل حساباتهم إلى عمل إعلامي يحقق دخلًا مستمرًا وتحويل طريقتهم إلى عمل منظم، ولا أقصد هنا تبديلهم لأسلوب تقديمهم بل إلى تقديم محتوى متجدد لا يمله المشاهد، وإلى حضور مستمر، وهذا ما سيضطرهم إلى تشكيل فريق عمل. ملاحظة أود تقديمها لمقدمي برامج البودكاست المرئية، لقد ظهرت قنوات بودكاست جديدة وبأعداد كبيرة، وهذه المحتوى مثله مثل بقية البرامج، سيأتي الوقت الذي يعتاده المشاهد ثم لن يتابعه بنفس الاهتمام السابق، لذا من الأفضل أن يكون البرنامج نواة لبرامج مختلفة أخرى يقدمها مقدمون آخرون، هكذا يكون في القناة تنوعًا وتوسعًا.