آيسف وإنجاز عالمي باسم الوطن
في زمنٍ تُقاس فيه قوة الأمم ليس فقط باقتصادها أو جيوشها، بل بعقول أبنائها وقدرتهم على الابتكار، يبرز معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة «ISEF» كأكبر منافسة علمية في العالم لطلبة ما قبل الجامعة. يجمع سنويًا أكثر من 1.700 طالب من أكثر من 70 دولة للتنافس في ميادين العلم والهندسة والتكنولوجيا والرياضيات. وهذا المعرض ليس مجرد مسابقة، بل منصة دولية تُخرّج قادة المستقبل العلميين.
ومنذ سنوات، تشارك المملكة العربية السعودية في ISEF عبر مؤسسة «موهبة» ووزارة التعليم، لكن مشاركتيها في عامي 2024 و2025 مثّلت تحولًا نوعيًا من الحضور إلى التميز العالمي. حيث في 2024، حققت المملكة 27 جائزة، جعلتها من بين أفضل خمس دول في العالم. وفي 2025، واصلت هذا التفوق بحصد 23 جائزة، منها 14 جائزة كبرى و9 جوائز خاصة، مما عزز مكانتها ضمن الخمس الكبار عالميًا، وأكّد صدارتها العربية بفارق كبير.
اللافت في هذه الإنجازات ليس فقط عدد الجوائز، بل نوعية الحقول العلمية التي فازت بها المملكة، مثل:
• الطاقة.
• الهندسة البيئية.
• الذكاء الاصطناعي.
• علوم المواد.
• الكيمياء.
• الطب الحيوي.
• العلوم الزراعية والنبات.
• الأنظمة المدمجة.
هذا التنوع يعكس وعيًا استراتيجيًا بتوجيه الطلاب نحو التخصصات التي تشكّل المستقبل العلمي والصناعي للعالم.
وعلى مستوى العالم، نافست المملكة دولًا ذات تقاليد علمية عريقة مثل: الولايات المتحدة، الصين، كندا، والهند، وحافظت على موقعها بينها ضمن الخمسة الأوائل في نسختي 2024 و2025. أما عربيًا، فلم تقترب أي دولة شقيقة من حجم ونوعية الإنجاز السعودي، مما يجعل المملكة قائدةً بلا منازع في العالم العربي في هذا المجال.
وتتجاوز هذه الإنجازات مجرد لحظات تكريم على المنصات، فهي تمثل استثمارًا عميقًا في رأس المال البشري الوطني. فهي:
• تحفّز بيئة البحث العلمي والابتكار.
• تفتح للطلاب أبواب الجامعات والجهات البحثية العالمية.
• ترفع من تصنيف المملكة في مؤشرات الابتكار والتعليم.
• تجذب اهتمام المستثمرين وصناع القرار في المجالات التقنية والبحثية.
• تهيّئ لقفزات تاريخية في مجال الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي، لا يُقاس بحجم الاستثمارات المالية فيه.
في عالم تُحسم فيه المعارك الناعمة بالصورة الذهنية، تُمثل هذه المشاركات العلمية الناجحة أداة فعالة للقوة الناعمة السعودية. فعندما يرى العالم أبناء المملكة يتصدرون منصات التتويج العلمي في أرقى المسابقات، تتعزز صورة المملكة كدولة تؤمن بالعلم وتستثمر في عقول شبابها، وهو ما لا تستطيع كثير من الدول الأخرى تحقيقه، حتى وإن امتلكت الموارد. فالنجاح السعودية في ISEF ليس حدثًا عابرًا، بل هو مؤشر على توجّه استراتيجي واضح نحو بناء اقتصاد معرفي، يُبنى بسواعد الشباب وابتكاراتهم، واستدامة هذا النهج ستجعل من المملكة لاعبًا عالميًا في ميادين لم تكن تُذكر فيها من قبل. وهكذا… بينما يصنع البعض التاريخ بالكلام والخطابات، تصنعه المملكة اليوم بالعلوم والابتكار على أرض الواقع، لمستقبل بزغ إشراقه قبل وقته بكثير.