2025-09-23 | 01:50 قصص رياضية

بيراميدز.. فكرة شاب مغترب من قلب الصعيد وصلت إلى العالمية

لقاء في سبتمبر 2019 بين محمود الأسيوطي، مؤسس نادي الأسيوطي سبورت الذي تغيّر اسمه إلى بيراميدز، وممدوح عيد، الرئيس التنفيذي لنادي بيراميدز (أرشيفية)
الرياض ـ الرياضية
مشاركة الخبر      

بعد إتمامه الدراسة الجامعية في كلية التجارة بجامعة أسيوط، قرّر محمود الأسيوطي، الشاب الصعيدي الذي عشِق كرة القدم منذ طفولته في إحدى قرى جنوبيّ مصر، تأجيل أحلامه الكروية لبعض الوقت، وطار إلى النمسا، وسط أوروبا، في أواخر عقد الثمانينيات الميلادية بحثًا عن فرصة عمل.
وُفِّقَ الأسيوطي في غربتِه، على أرض بلد الفنون والعمارة. وبعد تنقِّله بين أعمالٍ عدّة، حظِيَ بمستوى من الاستقرار المادي، أغراه بالعودة إلى عالم كرة القدم، لكن ليس لاعبًا محترفًا مشهورًا، كما أراد في شبابه، وإنما مستثمرًا.
عاد ابن قرية الخوالد التابعة لمحافظة أسيوط إلى مصر، وأسس عامَ 2008 ناديًا سيفوز لاحقًا، بعد تغيير اسمِه إلى بيراميدز، بدوري أبطال إفريقيا.
ويواجه فريق بيراميدز، مساء الثلاثاء على ملعب «الإنماء» في جدة، نظيرَه الأهلي، بطل دوري أبطال آسيا للنخبة، ضمن كأس القارات للأندية.
وقبل تأسيس النادي، دشَّن ابن الصعيد العائد من فيينا منتجعًا رياضيًا سياحيًا على طريق القاهرة - أسيوط الصحراوي الغربي، وفّر به مجموعة من الملاعب والمرافق الرياضية والفندقية، لاستقطاب معسكرات الفرق والمنتخبات ورحلات الشركات وغيرها من الأنشطة.
سمّى محمود، الذي أصبح رجل أعمالٍ، المنتجع، الواقع داخل زمام محافظة بني سويف، باسمِه «منتجع الأسيوطي الرياضي». وبعدما اطمأن على مشروعه، أطلق نادي الأسيوطي سبورت، مُشكِّلًا فريقًا لكرة القدم خاض بعد ظهوره منافسات دوري الدرجة الرابعة المصرية وقضى فيها موسمين ارتقى بعدهما إلى الدرجة الثالثة، التي نافس فِرَقَها ثلاثة مواسم حتى صعد في 2013 إلى الدرجة الثانية.
ومن المحاولة الأولى، تمكن فريق الأسيوطي الأول لكرة القدم من التفوق على معظم فرق الدرجة الثانية والصعود بنهاية موسم 13ـ2014 إلى الدرجة الممتازة، المستوى الأعلى في سُلَّم الكرة المحلية.
احتاج محمود الأسيوطي إلى ستة أعوام فقط للانتقال من نقطة تأسيس الفريق إلى اللعِب أمام الأهلي والزمالك، قطبي الكرة المصرية، وغيرهما من القوى والأسماء التقليدية في الدوري الممتاز.
لكن صعوبات الدوري قهرت الوافد الجديد، فعاد بعد موسم واحد إلى الدرجة الأولى. رفض محمود الأسيوطي التخلّي عن طموحه، ودعمَ الفريقَ في محاولة صعودٍ ثانية إلى مصاف الكبار تكللت بالنجاح بعد موسمين، ليخوض نسخة 17ـ2018 من الدوري الممتاز. وبنهايتها، فُتِح فصلٌ مختلفٌ في تاريخ هذا النادي، رفعه من مرحلة الوجود بين الكبار إلى مستوى القدرة على منافستهم.
ففي صيف 2018، اشترى المستشار تركي آل الشيخ نادي الأسيوطي وغيَّر اسمه إلى بيراميدز، نسبةً إلى الأهرامات المعلم الأثري المصري الشهير عالميًا، كما تغيَّر الشعار وألوان القميص، وكذلك مكان المباريات، فبدلًا من بني سويف أصبحت القاهرة، تحديدًا ملعب «30 يونيو» في مدينة نصر، مقرًا دائمًا لمواجهات الفريق على أرضه.
اختصرت الخطوة الاستثمارية الكثير من الوقت، وتحوَّل بيراميدز في ظرف أسابيع إلى قوة كروية تُحسب لها الحسابات، بعد دعمه بالتعاقدات المحلية والأجنبية وتطعيم هياكله الإدارية والفنية بخبرات وأسماء مشهودٌ لها بالنجاح.
وخلال موسمه الأول بالاسم الجديد، وصل الفريق إلى نهائي كأس مصر، حيث خسِر من الزمالك، واحتل المركز الثالث في ترتيب الدوري، بعد قطبي الكرة المصرية، ما أهَّلَهُ لخوض البطولات الإفريقية للمرة الأولى، من بوابة كأس الكونفدرالية.
وخلال صيف 2019، انتقلت ملكية النادي من المستشار آل الشيخ إلى رجل الأعمال الإماراتي سالم الشامسي، الذي حافظ على الأهداف ذاتها، المنافسة على مختلف الأصعدة.
ومنذ التحول من «الأسيوطي سبورت» إلى «بيراميدز»، وصل الفريق، الأزرق والأبيض، إلى نهائي كأس مصر أربع مرات، وتُوِّج بها خلال موسم 23ـ2024. وعلى مستوى الدوري الممتاز، احتل المركز الثالث في أول ثلاثة مواسم، ونال الوصافة في الأربعة الماضية. بينما تأهّل مرةً واحدةً إلى نهائي كأس السوبر المصري وخسِره من الأهلي.
قارّيًا، وصل بيراميدز من المشاركة الأولى إلى نهائي كأس الكونفدرالية، وخسِره أمام نهضة بركان المغربي.
وبعد أربع مشاركاتٍ على التوالي في الكونفدرالية، تأهَّل بناءً على نتائجه المحلية إلى البطولة الأقوى منها، دوري أبطال إفريقيا. وانتهى حضوره الأول على صعيدها بتوديع المنافسة من مرحلة المجموعات. لكن المشاركة الثانية، الموسم الماضي، حملت الفريق إلى منصة التتويج باللقب، ليحقق أكبر إنجازٍ في تاريخه، إثر التعادل مع صن داونز الجنوب إفريقي 1ـ1 في ذهاب المباراة النهائية والفوز عليه 2ـ1 إيابًا، في 1 يونيو الماضي.
نتيجةً لذلك، يخوض بيراميدز كأس القارات للأندية، مُمثِّلًا لإفريقيا، ويواجه الأهلي، بطل آسيا، بعدما فاز 3ـ0 على أوكلاند سيتي النيوزيلندي، الأحد قبل الماضي، لحساب الدور السابق من البطولة التي ينظمها الاتحاد الدولي «فيفا».
أما محمود الأسيوطي، الذي أسّس النادي قبل 17 عامًا، فقد واصل تجربته في الاستثمار الرياضي، وأطلق ناديًا آخر، عام 2020، أسماه «لا فيينا»، نسبةً إلى العاصمة النمساوية التي أحبّها وعمِل فيها. ولا يزال لا فيينا، الذي يتخذ من منتجع الأسيوطي الرياضي مقرًا له، يسعى للصعود إلى دوري الدرجة الممتازة، بعدما تجاوز سريعًا عقبتي الدرجتين الرابعة والثالثة.