|


أحمد الحامد
الانفصام عن الحياة
2018-02-24

منذ أن سكن الإنسان على هذه الأرض، اضطر أن يبدأ في تعميرها حتى تكون مكانًا مناسبًا للحياة، وخلال مشوار الإنسان الطويل والممتد إلى ما سيكتبه الله، كان التطور يلغي معه الأفكار والمعتقدات التي اعتقد بعضهم في كل حين أنها ثوابت، وأنها الحقيقة دائمًا، وأن ما وصلوا إليه هو أفضل ما سيصل إليه الإنسان.



حركة التغيير والتطور تزيح دائمًا ما هو غير صالح، وما أُعتقد خطأً أنه الأفضل لكل وقت وزمان، لكن مجهودات التغيير نحو التطور لم تقم على العمل فقط، بل اضطرت أن تواجه الآراء والعقول الرافضة لأي تحريك وتجديد، واحتاجت الحركة دائمًا إلى الشجاعة الكافية للمضي قدمًا وفرض أمر واقع يستفيد منه الإنسان وينضم إلى الاستفادة منه لاحقًا كل من عارض التجديد والتطور، أو أبناؤهم على أقل تقدير. أسوأ مراحل المجتمع هي مراحل الجمود، عندما يرفض حركة العقل ويلغي حواراته وينبذ كل ما هو قادم من بعيد، ويصغّر تجارب الآخرين من الأمم، ويرتهن الحقيقة والحق لديه فقط.



اليوم لم تعد هناك قرى منزوية ولا بلدان بعيدة، فرض العلم المتطور نفسه كواقع وحيد يدفن كل من لا يلحق به، بل كل من لا يكون في مقدمته.



لم يعد هناك وقت للجدال في بديهيات عالم اليوم، ولا متسع لترضية من هو ثابت لا يتحرك ورافض لأي تحرك، لقد أضعنا وقتًا طويلاً في محاولة علاج جنون بعضهم وانفصامهم عن الحياة.