|


No Author
‏نكبة فبراير و الديموقراطية العرجاء
2016-12-26

في نهاية فبراير من عام 2012 أعلن الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم آنذاك استقالته رسمياً من رئاسة اتحاد كرة القدم، وحل الاتحاد بالكامل في أعقاب الخروج المر والمبكر للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم من الأدوار التمهيدية المؤهلة لكأس العالم ٢٠١٤ في البرازيل، وشكلت تلك الاستقالة منعطفاً حساساً في منظومة كرة القدم السعودية وطريقة إدارتها حيث انفصل ولأول مرة منذ عقود رئيس المؤسسة الرياضية الرسمية وهي رعاية الشباب آنذاك عن رئاسة وإدارة اتحاد القدم وكلا المؤسستين مكمل للآخر حيث تقدم فيه الأولى الدعم المادي والمعنوي واللوجستي للمؤسسة الثانية لتحقيق أهدافها والقيام بمهامها. 

 

تولى مؤقتاً أحمد عيد إدارة الاتحاد حتى تم تشكيل جمعية عمومية وعقدت أول انتخابات لترشيح الرئيس والأعضاء لأول مرة في تاريخ كرة القدم السعودية وتمت العملية الانتخابية آنذاك وفاز بها عيد بفارق صوتين عن منافسه ابن معمر، لم تكن علاقة الاتحاد الذي تنتهي ولايته بعد أيام على ما يرام مع الجمعية العمومية تارة ومع الأندية ومسؤوليها تارة ومع الإعلام تارة ومع المؤسسة الرياضية (هيئة الرياضة) تارة أخرى، أحداث كثيرة مرت صاحبها شد وجذب، انتقادات وتصريحات تصل أحياناً حد الصراخ بين منسوبي الأندية والاتحاد من جهة وبين أعضاء الجمعية العمومية والاتحاد من جهة أخرى أدت إلى تدخل من فيفا ثم إجراء تعديلات على النظام الأساسي للاتحاد.

 

وبغض النظر عن كل الأحداث والظروف التي صاحبت مجلس الاتحاد الحالي إلا أن قدره كأول اتحاد منتخب يدير لعبة كرة القدم في البلاد وعدد كبير من أعضائه كان جديدا على العمل الإداري في المنظومة الرياضية وانفصاله التدريجي عن هيئة الرياضة وضعف اللوائح، أوجد له العذر في كل العثرات التي واجهته وصاحبته، والمؤمل أن تكون تجربة هذا الاتحاد فرصة سانحة ليتعلم منها الاتحاد القادم ابتداء من الجمعية العمومية التي من المفترض أن تكون هي المرجعية الرسمية له، وكذلك أعضاء مجلس إدارته ولجانه وكل أجزائه، ويجب أن يدرك الاتحاد القادم أن المحسوبيات هي الداء القاتل لجودة عمله وأن سلطة اللجان يجب أن لا تفوق سلطة العمل الحوكمي المنظم المبني على لوائح وقوانين وأن يترك للإدارات والأقسام تحت مظلة الأمانة فرصة العمل التشغيلي اليومي بعيدا عن تشخيص الاعضاء وأن يحرص على تطعيم مفاصله بشباب مؤهل لديه القدرة على الإنجاز والإبداع وكذلك بناء جسور التواصل مرة أخرى مع الاتحادات القارية والدولية. 

 

لكن المستغرب أن السلبيات تأبى إلا أن تستمر في منظومة الكرة السعودية، فبعد أن تم إقرار اللائحة الجديدة للنظام الأساسي ونظام الانتخابات تبرز معضلات جديدة، ومصدر الاستغراب يكمن في تضمين اللائحة فقرة أن يسمي الرئيس المرشح أربعة أعضاء للعمل مدراء تنفيذيين وأعضاء مجلس إدارة، فإذا كان من أقر اللائحة لا يعلم معنى ومفهوم مصطلح (مدير تنفيذي) واعتمد اللائحة فتلك مصيبة وإذا كان يعلم فالمصيبة أعظم، لأول مرة في العالم أرى مثل هذه اللائحة الغريبة في أطوارها وكتابتها وصياغتها، كيف لهؤلاء المدراء التنفيذيين أن يصبحوا أعضاء مجلس إدارة ليتساوون مع الأعضاء المنتخبين ويملكون الحق في التصويت على القرارات داخل المجلس؟ وهذه هي أم الكوارث!!.

 

والسؤال الآخر، هل سوف يتفرغ هؤلاء المدراء التنفيذيون تفرغاً كاملاً للعمل في الاتحاد؟ إذا كانت الإجابة بنعم لابد أن يكونوا تحت إدارة ومسؤولية الأمين العام الذي بسلطة النظام لا يحق له التصويت داخل اجتماعات المجلس! تخيل أن المدراء التنفيذيين يعملون تحت إدارة الأمين العام بينما يصوتون لقرارات المجلس وهو لا!! وإذا لم يكونوا متفرغين فكيف يطلق عليهم هذا المنصب الوظيفي الذي يعد التفرغ أهم مطلب لتحقيقه، وهل سوف يتقاضون مرتباً شهرياً؟ إذا كانت الإجابة بنعم ماذا عن الأعضاء المنتخبين الآخرين، هل ستتم مساواتهم؟، اللائحة الحالية احتوت ثغرات لغوية وإملائية كثيرة ليس المجال كافياً لسردها ولكن المؤمل في الاتحاد القادم أن يعيد دراسة للائحة ويطورها ويمنح كل الأندية الممارسة لكرة القدم في المملكة فرصة المشاركة في الجمعية العمومية وصناعة خارطة طريق جديدة لمنظومة كرة القدم حتى لا تستمر الديموقراطية العرجاء.