|


بدر السعيد
قبل كيلومترات من "سلوى"..!
2017-09-10

في الساعات الأولى من فجر يوم الخميس الماضي، ركبت سيارتي قاصدًا السفر برًّا إلى "دار الحي".. غادرت الرياض بعد أكثر من 24 ساعة على تحقق الحلم مجددًا.. حلمي وحلم كل رياضي سعودي طموح..

 

كانت الساعات التي تسبق رحلتي مليئة بالفرح.. كان الوطن.. كل الوطن لا يزال يتراقص على أنغام وصيحات جماهير "الجوهرة".. الجماهير التي زفت عريسها الأخضر في ليلة ارتدى فيها الأبيض على أرضه وفي مسرحه وبين عشاقه.. العشاق الذين كان يتقدمهم عرّاب التجديد.. ومهندس المستقبل السعودي محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود..

 

ركبت سيارتي محاولاً استحضار مشهد الفرح.. ومتعمدًا تناسي كل لحظات الحزن والألم التي عشتها قبل أسبوع بوفاة الإنسانة التي سكنت قلبي وتربعت فيه.. جدتي التي غادرت الدنيا ولم تغادر قلبي.. فرحمها الله وجميع موتى المسلمين.. 

 

ركبت سيارتي.. وكان شريط الأحداث المصاحبة للفرح قد سيطر على تفكيري أكثر من تفاصيل المنافسة داخل الملعب وسيناريو التأهل إلى كأس العالم.. استحضرت أفراح الجماهير قبل المسؤولين.. والإعلاميين قبل اللاعبين.. والأشقاء الخليجيين قبل المواطنين..

 

لا أخفيكم أن لمباركة الأشقاء الخليجيين مذاقًا خاصًّا.. ولا أجمل من فرحتك بإنجازك إلا تلك التبريكات التي تتلقاها من شقيقك وعضدك.. وهو بالفعل ما أحسسته.. بل تلذذت باستعادة قراءته ومتابعته.. أعيد قراءة تغريدات علي الحبسي وعمر عبد الرحمن وعلي مبخوت فأطير نشوة وزهوًا.. ليس لتأهل منتخبنا فحسب، بل لهذا الكم والكيفية من الود والنقاء اللذين يحملهما أشقاؤنا الخليجيون تجاهنا.. كان لهذا الأمر النصيب الأكبر من تفكيري أثناء سفري عبر السيارة..

 

وقبل الظهيرة كنت قد اقتربت من المعبر الحدودي السعودي القطري.. أوقفت سيارتي في إحدى محطات الوقود، واتجهت إلى "السوبر ماركت" لشراء بعض الاحتياجات.. أحسست بعدها بحاجتي إلى غسول وجهي بالماء في محاولة لاستعادة النشاط واستكمال طريق السفر..

 

وفي تلك الأثناء، كان هناك ستة رجال قطريين.. ميّزتهم دون عناء من خلال زيهم المميز، قبل أن ألاحظ أرقام لوحات سياراتهم.. كان الستة يقفون قبالة إحدى سيارتيهم.. وكان لوقوفهم دافع لي لأتجه نحوهم مبتدئًا بالسلام والسؤال عن الأحوال.. سبقت ابتساماتهم رد التحية بأحسن منها.. سألتهم عن أحوالهم؛ فإذا بهم يحمدون الله ويشكرونه على إتمامهم مناسك الحج.. 

 

عدت لأقوم بواجبي فسألتهم عن أي خدمة قد أستطيع تقديمها لهم.. فبادلوني بالشكر ورد ذات السؤال علي.. إلا أن أحدهم ويدعى "أبو خالد" بادرني بالتبريكات بمناسبة تأهل منتخبنا لكأس العالم، وقد كانت الفرحة واضحة على محياه.. تلقيت مباركة أبو خالد بنشوة تفوق سابقاتها.. والسبب هو أن الصوت القطري الحر بات حبيس تنظيم الحمدين الإرهابي الذي تفنن في نشر الفتنة والتضليل، وحال بيننا وبين الأوفياء في قطر..

 

عندها وقفت لأتساءل: كم من "أبو خالد" نقي وفيّ تفصلني عنه تلك الكيلومترات المتبقية إلى قلب الدوحة..

 

هذا ما حدث قبل مركز سلوى الحدودي.. ترى هل ما يحدث بعد سلوى مشابه؟!.

 

اعتقد جازمًا أن الإجابة هي "نعم"؛ فالقطري الأصيل لا تتبدل مبادئه تجاه أشقائه أيًّا كان موقعه من الأرض..

 

أحبتي الأوفياء في قطر.. لا يزال للحب بقية يا أنقياء.. لا يزال ينبوع الجيرة وشلال الود شاخصًا أمام أعيننا.. ماضٍ نفتخر به.. وحاضر ينتظرنا.. وأسال الله سبحانه أن يريحنا ويريحكم من هذا النظام الداعم للإرهاب.. الساعي إلى تفرقة الصف الخليجي والعربي والإسلامي..

 

دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..