|


خالد قاضي
لابد من (صنعاء) وإن طال السفر
2010-11-20
يقول المثل اليمني القديم (لابد من صنعاء وإن طال السفر).. في إشارة إلى حب أهل اليمن لعاصمتهم العريقة عاصمة سبأ صنعاء التي يعتبرها المؤرخون أقدم عاصمة في التاريخ.. وهي أصل العرب العاربة التي منها قبيلة جرهم التي تزوج منها نبي الله إسماعيل.. وما أن تذكرت هذا المثل إلا وربطت الموضوع بدورة الخليج العربي التي انطلقت في العام 1970م من البحرين ومعها انطلقت 19 دورة خليج صمدت أمام التيارات السياسية ولم توقفها حتى الحروب فكانت أقوى من كل المؤثرات الخارجية وكأن هذه الكرة المجنونة المدورة والتي سحرت الألباب والعقول قد سكنت قلوب عشاقها ولا يقبلوا لها أي إلغاء أو تأجيل.. نعم لابد من صنعاء وإن طال السفر.. إنها دورة الخليج لكرة القدم في نسختها العشرين.. إنها دورة الكرة التي استمرت 40 عاماً بلا توقف تواجه حسادها والحاقدين عليها، بل أصبحت فلكلوراً خليجياً عربياً توسع حتى وصل إلى أرض اليمن.. وكم أعجبني قول الشيخ عيسى بن راشد وهو شاهد على العصر ومن الذين عاصروا دورة الخليج من بدايتها أمده الله بالصحة والعافية عندما سئل لماذا وافقت على مشاركة اليمن دون غيرها من الدول مثل إيران أو سوريا أو الأردن؟ فقال: لأبناء اليمن مكانة خاصة في دول الخليج، فهم عاشوا بيننا وهم الأشقاء الذين عاشوا مع أبناء الخليج في الحلوة والمرة.. إنني أعتبرهم من أبناء الخليج حتى وإن كانت اليمن غير مطلة على الخليج العربي.
ساعات قليلة وينطلق الحدث الأبرز في تاريخ الكرة اليمنية والتي حلم بها أبناء اليمن السعيد الذين بدأت مشاركاتهم في هذه الدورة من خليجي 17 في الدوحة وبعدها في الإمارات وآخرها في مسقط.. واليوم ها هي اليمن بكل تراثها وحضاراتها تفتح ذراعيها لأبناء الخليج بعد أن كثر الجدل حول هذه الاستضافة بسبب الأوضاع الأمنية التي تعرضت لها بعض المدن اليمنية في الفترة الأخيرة.. لكن كرة القدم هذه المرة تدخل تحدياً من نوع صعب جداً وهو تجيير كرة القدم لمواجهة ومحاربة الإرهاب الذي لا تخلو منه بلد في العالم.. حتى جنوب أفريقيا وصفت بأنها بلد غير آمنة ومع ذلك نجحت في تقديم واحدة من أجمل وأفضل المونديالات الكروية في الناحية الأمنية والفنية أيضاً.. وقبل ذلك عندما دعمت السعودية في حياة الراحل الأمير فيصل بن فهد الأشقاء في لبنان على استضافة كأس الأمم الآسيوية عام 2000م.. بل وكانت موافقة الاتحاد السعودي لكرة القدم على مشاركة المنتخب السعودي للشباب في تصفيات أقيمت في مدينة أربيل العراقية.
وكم كانت السعودية هي الداعم الأول لليمن في جميع المجالات ولم يفرق بين قيادة البلدين وشعبيهما أصعب المواقف، فالأخوة هي شعار السعودية واليمن وهما أشبه ببلد واحد وشعب واحد، فالشعب اليمني هو الأقرب للشعب السعودي من حيث العادات والتقاليد.. ودعم القيادة الرياضية السعودية بتوجيهات الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل والمستمدة من أولياء الأمر لليمن في حقها المشروع في استضافة خليجي 20 والوقوف أمام كل من حاول أن يقلل أو يشكك في قدرة اليمن الأمنية على استضافة هذا الحدث.. ومن حق منتخب اليمن الذي يحظى بدعم جماهيري كبير وهو يلعب على أرضه أن ينافس هذه المرة ولا يكون ضيف شرف خاصة أن الأخبار الواردة تقول بأن المنتخب اليمني دعم صفوفه بثلاثة لاعبين أفارقة مجنسيين.
وطالما أن الحديث عن الأمور الفنية فإن المنتخب السعودي بالعناصر المتميزة التي اختارها البرتغالي بسيرو سيكون مؤهلاً هو الآخر للمنافسة على اللقب وهو الأخضر الذي خسر نهائي مسقط بشرف بضربات الترجيح أمام صاحب الأرض عمان.. ولاننسى المنتخب الكويتي العائد لمستواه أيام زمان واستعد لخليجي عدن بالفوز بكأس غرب آسيا على إيران، وكم هو جميل فيما لو عاد الأزرق إلى المنافسة.. وهناك العراق والإمارات وقطر ولاننسى عمان والبحرين قليل الحظ.. فقد تبتسم له الكرة في ربوع اليمن لأن البحرين هي الوحيدة التي لم تحقق اللقب رغم أنها شاركت في جميع الدورات السابقة.
أجمل ما في دورة الخليج التي ننتظرها بشغف بعد ساعات أنها ستقام في اليمن وهو إصرار وتحد لمواجهة الصعاب.. وكذلك أن موعدها يأتي بالونة اختبار للمنتخبات الخليجية المشاركة في كأس آسيا في يناير المقبل في دوحة قطر.. وأنا ضد من يقول بأن الهدف من دورة الخليج هو المشاركة فقط فهذا كلام إنشاء.. وفي الواقع أن كل منتخب يريد أن يحقق إنجازاً للكرة في بلده ولولا التنافس داخل الملعب لما تطورت الكرة.. وأنا مع الإثارة الإعلامية في دورة الخليج لكن لا يكون مبالغاً فيها فهي مثل الملح والبهارات على الطعام إن كثرت أفسدت الطعام.. وإن كانت معقولة منحته النكهة المحببة.