|


صالح الصالح
(أقسم بالله العظيم)
2012-01-22
قبل عدة سنوات كان الرمز الرياضي الكبير الراحل الأمير عبدالرحمن بن سعود ـ رحمه الله ـ يطالب بإصدار قرار يقضي بأداء حكام كرة القدم القسم قبل الدخول في سلك القضاة الكرويين، هذه المطالبات المشروعة والمعتبرة لم تجد حينها آذاناً صاغية، وقبل 4 مواسم تكررت المطالبات ذاتها من قبل المشرف العام على كرة القدم بنادي النصر حينها طلال الرشيد، وكانت النتيجة “لم يستمع أحد”!.
أعتقد أن حجم الأخطاء في كرة القدم السعودية، وبصافرات محلية خالصة، لم يعد يستدعي الاستعانة بحكام أجانب فقط ـ مثلما هو معمول به حالياً في الكثير من المواجهات ـ بل تعداه إلى المطالبة بتأهيل جيل تحكيمي قوي، واثق من قدراته، لا يتأثر بما يكتب عنه، ومتميز لياقياً وقانونياً، وأضيف عليها شريطة أن يؤدي القسم أسوة بالكثير من الوظائف الأخرى التي تستلزم ذلك، مع الإشارة إلى أن ذلك الإجراء لا يدعو بأي حال من الأحوال إلى التقليل من نزاهتهم أو التشكيك في ذممهم.
وأرى أن قرارا من هذا النوع -إن تم- سيفرض على كافة مسئولي ولاعبي الأندية التزام الصمت تجاه التحكيم، وأداء قضاة الملاعب، وسيمنح لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم الحق الكامل في إيقاع عقوبات مغلظة تجاه أي تجاوزات تجاه الحكام، أسوة بالاتحاد الإنجليزي الذي عاقب مدرب مانشستر “السير” أليكس فيرغسون في مناسبة سابقة لأنه اتهم أحد الحكام بضعف اللياقة أثناء قيادته لإحدى مواجهات فريقه فقط.
المتأمل في أداء الحكام محلياً يجد كوارث تصنف على أنها من فئة الكبائر الكروية، حتى والقيادة الرياضية تمنحهم الفرصة لإدارة مواجهات كأس الأمير فيصل كاملة والجماهيرية منها تحديداً، ومواجهات أخرى هامة لكن الحكم السعودي يثبت تواضع عطاءاته داخل الميدان.
الأمر العجيب أن “حامل هم تطوير التحكيم” الأمير نواف بن فيصل لم يأل جهداً في الرفع من مستوى التحكيم، وإقامة الدورات المستمرة محلياً وخارجياً في سبيل الوصول بالحكم السعودي إلى مرحلة متقدمة دولياً، لكن فكر وطموح وعطاء الحكام السعوديين هو ما يسهم في إفشال هذا الحراك الهادف والإيجابي، وكثيرة هي المناسبات التي خذل فيها التحكيم المحلي اهتمام القيادة الرياضية حتى في المناسبات القليلة الممنوحة لهم.
أخيراً ليس هناك من ضرر في حال تم إقرار أداء الحكام القسم قبل الحصول على الشارة، وليس في هذا الإجراء ما يتعارض مع الدين، ولا مع توجه الدولة، كما أنه يمنح الطمأنينة للمسئولين والجماهير تجاه التحكيم، والأهم من ذلك كله أنه لن يثير غضب الحكام أو استياءهم، لأن الحكم الذي يراعي ربه، الواثق من قدراته، الذي لا تربطه علاقات قوية برؤساء الأندية ومسئوليها تصل حد الاستضافة في المجالس الخاصة، لن يجد أدنى حرج أن يردد وبكل ثقة وإيمان، وهو يحمل نسخة من القرآن الكريم: “أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً لبلادي ومليكي، وأن أراعي مرضاة ربي في عملي، وأن أحكم بالعدل ولا شئ سواه، والله على ما أقول شهيد”.