|


صالح الخليف
يعاقبني بالكابتن صالح
2018-09-15
لأنه واحد من أركان "الرياضية" طوال تاريخها ولأنه إنسان يسبق قلبه الطاهر وروحه الطيبة وحكاياته المرحة كل حديث عنه كان لزاماً علينا أن نكتب عنه ونحكي عنه ونترحم عليه وندعو الله الغفور الرحيم أن يتغمده بواسع فضله ومنه ورحمته..
حتى وإن غادر "الرياضية" قبل عشر سنوات تقريباً مفضلاً التقاعد المبكر على البقاء وراء صداع الصحافة إلا أن خالد قاضي رحمه الله ارتبط بـ"الرياضية" فكان من أهم أسلحتها وذخيرتها وصوتها القوي حينما كانت الصحافة نفسها و"الرياضية" ذاتها في عزها وتوهجها وزمانها.. ما كان صحفياً عادياً أو عابراً على هذه المهنة القاسية وإنما اختار أن يكون أحد أدواتها التي لا تتكرر بيسر وسهولة.. كان أستاذ التحليل الصحفي الرياضي فلا يمكن لأحد أن يقدم لك وصف المباراة كما كان يفعل خالد قاضي.. الذين كانوا يطالعون ويقرؤون تحليل المباريات قبل هجمة وسائل التواصل يعرفون قيمة ما كان يفعله خالد قاضي.. ظلت تلك اللغة الساخرة البريئة أكثر ما يميز الراحل في كلامه مع الزملاء.. دمه الخفيف وطرائفه كانت قصصاً نتداولها في صالة التحرير بشكل شبه يومي.. لا يمكنك أن تغلق سماعة الهاتف بعد مكالمة عملية مع خالد قاضي دون أن تتزود فيها من نكته تضحكك وترطب فيها مزاجك وتخفف ضغوطات الشغل الذي لا يرحم.. لم يستثن خالد قاضي أحداً في صالة التحرير إلا ومنحه جزءا من تلك الخزينة الهائلة من الضحكات والمواقف الباسمة.. جاءنا مرة في اجتماع لكافة المراسلين في المناطق السعودية قبل قرابة الخمسة عشر عاما.. تجمهرنا جميعنا حول خالد قاضي في صالة التحرير وفي صالة العشاء.. كان الكل يريد أن يسمع أكبر قدر من تلك الأحاديث والحكاوي والصراعات الصحفية مع مسؤولي الأندية.. بالنسبة لي كان يسميني كابتن صالح.. منذ أن تعرفت عليه لا أسمع منه إلا هذه الكلمة.. بعد أن تعمقت العلاقة بيننا قلت له: لماذا تدعوني دائماً كابتن صالح فقال أنت اسمك صالح وتذكرني بالكابتن صالح النعيمة.. قلت: يا أبو عنان أنا ماجدي الهوى والميول فقال: أنا سأظل أقول لك الكابتن صالح فإذا كنت غاضباً منك قهرتك.. وإذا كنت راضياً عليك اعتبرها مدحة.. اعتزل خالد قاضي الصحافة واتجه للتلفزيون فعرف الناس كمية خفة الظل التي يحملها.. الآن اعتزل الحياة كلها ولعل كل الناس تذكره بالخير.. وتترحم عليه.. غفر الله كل ذنوبه وجمعه مع الشهداء والصديقين..