|


بدر السعيد
الجيل الذي أحببته
2021-01-10
في مطلع الثمانينيات الميلادية كان سمعي وبصري وعقلي على موعد لبدء علاقتها الأولى مع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمقروءة في زمن كانت خياراته محدودة وفي أضيق نطاق.. مرحلة لا يمكن أن أنساها على الإطلاق فقد رسمت بداياتي في تكوين المعرفة والود مع متابعة كرة القدم على وجه التحديد بنطاقيها المحلي والعالمي.
في ذلك الزمن كان للإعلام الرياضي أركانه وأصواته وأقلامه التي مثلت نجومية في ذلك العصر لا تقل عن نجومية لاعبي الكرة.. في ذلك الزمن كان للإعلام الرياضي شكله النمطي المحاط بإطار القيود والرتابة إلا أنه كان مقنعًا ومحترمًا ومحترفًا لدرجة فرض فيها نفسه على كل مجلس ومحيط شبابي ورياضي.
في ذلك الزمن كان للإعلام الرياضي منهجه الذي رسمته أخلاقيات المهنة وأدبيات الحوار التي تفرض نفسها على جميع الأحوال في التوافق والاختلاف على حد سواء.
في ذلك الزمن كان الإعلام الرياضي يفتقر إلى كثير من وسائل وأدوات التأثير الفني والمؤثرات البصرية والسمعية لكنه كان غنيًا بمفردات الاحترام والصدق والأمانة في الطرح والنقل والمنطوق!
في ذلك الزمن لم يكن المقابل المادي مغريًا للعمل ضمن الأطقم الإعلامية لكن المقابل المعنوي كان يفوق الكثير من المال فالمسألة حينها أمانة ورسالة قبل أن تكون مصدرًا للدخل.
في ذلك الزمن كنت أقرأ الصحف بلا توقف.. وأستمع إلى المعلقين دون أن أسرح.. وأشاهد البرامج الرياضية دون أن ترمش عيني أو يغيب ذهني فيسرح عن سواها.. فقد كان المحتوى جادًا جدًا وصادقًا في معظم مضامينه.. لا تلوموني ولا تعتقدوا أني أبالغ فالوضع حينها لا يمكن أن يقيمه إلا من عاصره..
في ذلك الزمن كان لي نجومي في الإعلام الذين ظهروا وقدموا كل ما لديهم دون شتيمة أو إساءة أو كذب أو تلفيق.. صحيح أنهم لا يحظون بالشهرة ذاتها التي يملكها “أشباه” الإعلاميين حاليًا لكنهم يملكون ما هو أهم من الشهرة بكثير فقد كانوا يملكون الاحترام والمصداقية.
من حسن حظي أن عقليتي في ذلك العمر المبكر ارتبطت وتلقت الكثير من مخزونها الفكري من أفواه وأقلام ذلك الجيل الإعلامي القدير الذي أحببته قبل أن أعرف ميول أصحابه.. واقتنعت به لدرجة أحسست فيها بالغنى والكمال في المحتوى على الرغم من محدودية مصادر الإعلام الرياضي بين جريدة ورقية يومية.. ومباراة تبدأ في قناة وتنتهي في أخرى.. وبرنامج وحيد.. ومجلة عربية أسبوعية..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن.