|


بدر السعيد
ديربي المسودات
2021-01-30
مع بدايات العام الميلادي الجديد.. وقبل ليلة من نهاية يناير الشتائي.. وفي حالة اكتمال قمر الرياض بدراً، زهت به سماؤها تزامناً مع احتضانها لديربي العاصمة التقليدي المتكرر والمتجدد على مر العصور.. ليلة كان فيها استاد الملك فهد الدولي على موعد آخر مع الإثارة والندية، ليضيف هذا الموقع الرياضي العظيم صفحة أخرى في تاريخه الذي يحفظه السعوديون عن ظهر قلب.. هكذا كانت ليلة نهائي السوبر السعودي وهكذا بدت معالمها..
وقبل الحديث عن مجريات النهائي، فقد أثار انتباه الجميع ذلك الهدوء المبالغ فيه من أنصار طرفي اللقاء، حيث ظهر ذلك جلياً في الحضور “المتحفظ”، الذي كان يخيم على جماهير وإعلام الفريقين.. حيث لم تبدُ لغة التحدي المعتادة ظاهرة وطاغية كما يحدث قبل لقاءات الديربي.. ولم يكن “توتير” صاخباً بالشكل المصاحب لمثل هذه المناسبات الكروية..
وحتى لا أكون مجحفاً، فإني أتفق كثيراً مع تحفظات المعسكرين وتخوفاتهم من إطلاق التحديات والوعود قبل اللقاء، فالحال في الجانبين لا يسر العشاق إطلاقاً، ولا حتى المحايدين، إذ إنهما يمران بحالة من عدم الاستقرار امتدت لفترة طويلة صاحبها تراجع في المستويات والغيابات على مستوى العناصر، ناهيك عن الانشغال بأكثر من ملف خارج إطار الملعب..
إلا أنني في ذات الوقت لا أتخيل أن الحالة الذهنية لعشاق الفريقين ستسمح لهم بالصمت المطبق وعدم التعبير عن ما يدور في أذهانهم، أو على الأقل ما تتمناه أنفسهم وما تخشاه في ذات الوقت.. لذا فإنه يبدو لي أن ذلك التحفظ المعلن، صاحبها إطلاق للمشاعر “غير المعلنة”، لكنها هذه المرة بقيت في “مسودات” حسابات العشاق بانتظار ما ستسفر عنه نتيجة ذلك اللقاء المرتقب.. ولسان حالهم جميعاً هو الرغبة في تأجيل اللقاء لحين الاطمئنان على الحال الفني للفريق..
وبعيداً عن تخوفات الجانبين وأمنياتهم، فإن السوبر سيبقى شاهداً ورقماً سيحفظه التاريخ الكروي السعودي شاء الخاسر ذلك أم لا.. سيقام ليسجل رباعية تاريخية زرقاء، ثلاث منها أمام نفس المنافس، أو أنه سيسجل انتصاراً أصفر يعيد للفريق حالته المعنوية المطلوبة بأجمل سيناريو..
بدأ اللقاء.. ولأنني أعمل في صحيفة تحترم الوقت، فقد كان لزاماً علي أن أقدم هذه المقالة فور إطلاق الحكم صافرة إنهاء اللقاء، لذا فإني أبارك للمنتصر وأنصاره قبل أن أعرف هويته.. ومع تلك الصافرة ستنطلق مسودات المنتصرين إلى الحياة، وستبقى الأخرى حبيسة إلى موعد آخر لم يحدد بعد..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..