|


عدنان جستنية
عذرًا لن أبكيك يا أهلي
2022-07-04
بكيت الاتحاد على الملأ عبر شاشة فضحت نبرات صوتي دموع لم يشاهدها أحد غيري، كان نزيفاً من الألم والقهر وأنا أرى هرماً كبيراً يترنح ويكاد ينهار، وأنظر لمن حوله يتفرجون، وآخرون يهمسون صرخة موته وتقديم العزاء لكافة محبيه وهو يحتضر.
ـ أصوات قتلتني تسخر من معشوق الملايين، تتباهى بكلمات الفرح، وقاحة بلغة “الشماتة”، وهي لا تدري أن يوماً ما ستواجه نفس المصير، وتعيش مرارة الألم، وفراقًا حقيقيًا يعصر قلبها دون أن تتعلم من هرم عملاق لم تهزه عاصفة الزمن ورياح غابرة، وأن هرمها سيسقط ويهبط حينها لن يفيد بكاؤها، وندمها لن يجدي، فقد قالت العدالة كلمتها الأخيرة، وأصدر التاريخ حكمه، فعلاً “الدنيا دوارة”.
ـ بحثت في فهرس كتاب مهجور كأن الزمن خط حروف عنوانه “عقوبات الدنيا دوارة” لم تكن عيناي تقرأ صفحاته، إنما ذاكرتي تحولت إلى شاشة عرض كبيرة أرى فيها الشيخ يوسف الطويل “يرحمه الله” وما مر به من شقاء وتضحيات حباً لعشقه الاتحاد، وما عاناه في سبيل إبقاءه شامخاً رغماً عمن خططوا لتحطيم هذا الهرم ودفنه حياً.
ـ صوتاً سمعته في ينبع البحر يبكي تلك الأيام ليحكي لنا قصته الحزينة “عكاز الاتحاد” ليقص لنا ابنه الوفي عبد الله يكر حجم عملية “إنقاذه” من الظلم الذي عاش انكساراته عبر”مرمطة” أبرز نجوم العميد، وقصف أبعدها وقذف بها في مهب النسيان، وأول من تأثر بذلك القصف سعيد غراب والنور موسى وعلي عسيري، وتلتها أسماء أخرى من اللاعبين في جميع الألعاب.
ـ ورقة مرت سريعاً وأنا أطالع شاشة ذاكرتي مستذكراً يومًا كنت أحد شهوده في عهد منصور البلوي، وكأس بطولة عاد إلى خزينة بعد 53 سنة، ثم استوقفني ميثاق شرف تم “اختراعه” ليدفع الاتحاد ثمنه غالياً في قضية مسماها “ما نسوا والوعد الكاذب” حرمته من الصدارة وبطولة دوري، ليأتي بعده اختراع آخر مسماه “الذات العام” كان سبب ابتكاره بطلاً حرم من بطولة الدوري أكثر من 30 عامًا والضحية الاتحاد.
ـ الورقة الأخيرة، الرئيس الحالي في لحظة انكسار العميد يعلنها “انتهى التنافس مع الاتحاد” لتختاره “الدنيا الدوارة” دون غيره، وتنصف الاتحاد من “شماتته” ليسقط ناديه في ليلة سوداء.
ـ عذراً يا أهلي لن أبكيك، إنما أبكي الأيام الجميلة، وليالي أفراحك، وما كنت تتمتع به من عزٍ و”رفاهية”، وما حظيت به من “تميز” دون غيرك، أبكيها وأبكي “عبر” ودروس الزمن ويوماً مؤلماً عاشه عشاقك في ساعة غابت فيها مراسيم احتفال توديعك إلى دوري يلو.