|


أحمد الحامد⁩
أصوات
2018-10-22
صوت 1: ها قد كبرت وأصبحت تنظر لأطفالك وهم يلعبون وتشاهد خلالهم ما كنت تفعله صغيراً كما كان يفعل والدك، هل أدركت الآن كم كان يحبك!؟
ها قد كبرت وهدأ مشيُك السريع وهدأت أفكارك وأصبحت واقعياً.

صوت 2: أنا لم أهدأ، كل ما في الأمر أني أصبحت أعيش في خيالي أكثر من الواقع؛ لذلك أبدو لك كذلك، مازلت ذلك الذي يتخيل حبيبته، يمسك بيدها، يُضحكها تارةً ويفاجئها تارةً أخرى، يقول لها ما يحفظه من كلمات الأغنيات، مازلت ذلك الذي لا يريد أن يمشي بعيداً عن بيته حتى لا يفارق الأشجار ورصيف الشارع وأصدقائه الصغار، أنا لم أكبر لأنني لم أكبر.

صوت 1: أنت كبرت، لقد تخلى عنك حماسك مع الزمن، لم تعد الأشياء تدهشك كما كانت في السابق، لم تعد تهتم حتى للاستماع للقصص، تلك الحكايا التي يرويها الكبار، متى آخر مرة ألقيت بها شعراً؟ متى كانت آخر مرة ركضت بها؟ لقد كبرت وأصبحت تشبه من كانوا كباراً عندما كنت أنت صغيراً.

صوت 2: لقد قلت لك إجابتي بأنني لم أكبر، لم أضف شيئاً اخترته أنا لحياتي، كل ما لدي مستنسخ ممن سبقوني، أنظر من حولي، لا شيء يشبهني هنا، لقد تسلمت كل شيء دون قدرة مني على اختيار ما أريد وما لا أريد، لا يقاس العمر هكذا، قد تقصد أنت مرور الأيام، نعم لقد مرت.
صوت 1: بل أقصد بأنك كبرت فعلاً، لم تعد تضحك تلك الضحكات الطائشة، ولا تغني مع المغني ولا تردد اللحن بصوتك، أين رسائلك التي كنت تكتبها لحبيبتك؟ هل تذكر كم كنت تكتب وتمزق الورقة كلما أخطأت بالكتابة، منذ متى لم ترسم قلب حب على ورقة؟

صوت 1: وهل تصلح هذه المدينة للحب؟ الناس هنا يعيشون حياتك أنت، ويقررون لك المسموح وغير المسموح، جدران العيب لا تنتهي، وحكايا الأساطير هي الحقيقة، حتى من تحبها تأتيك داخل إطار من حجر، كل ما تعلمته تعتقد بأنه هو كل العالم، ليس هي فقط، جميعنا كذلك، هل تعتقد بأننا كبرنا أم سلبت أيامنا منا؟ ما الذي فعلته أنت مثلاً باختيارك؟ بقرارك؟ أنت مجرد تكرار يا صديقي.

صوت 1: وأنت كذلك.
صوت 2: وأنا كذلك!