No Author
حمد الراشد - قمة الليلة الكبيرة والفرصة الأخيرة
2016-04-02

"ياالله يا كريم".. عم سالم وقد غادر منزله في حارة الهنداوية يتمتم وهو يتأمل السماء وهي ملبدة بالغيوم ونسمة هواء باردة منعشة تداعب قسمات وجهه وقد أنهكتها السنون.. عم سالم ترجل من سيارته وقد ركنها بأقرب موقف لبنقلة السمك.. اليوم استثنائي.. اليوم غير عادي.. والليلة ياهي ليلة.. بخطوات مسرعة اتجه العم سالم لمكان بائع يعرفه.. عينه على ربطة سمك ناجل طازج.. لم يكاسر في السعر.. طلب تنظيفه بسرعة.. ليسهل على زوجته طهي صيادية جداوية (معتبرة).. فالليلة لابد من احتفال.. عميد وملكي وديربي مثير..
وهل هناك أجمل من هذه السهرة الكروية الباذخة.. قال أيه كلاسيكو القرن.. الريال والبرشا.. ''يا عم سيبك".. ديربي النجوم والمفاجآت يكسب.. أخذ العم سالم مقعده في الصالون الكبير يرقب ساعة الحائط من وقت لآخر.. لا يقوى الانتظار.. تمنى لو تقام المواجهة فوراً.. فالأعصاب مشدودة كأوتار عود والتوتر بلغ أشده.. توتر من فقد محفظة نقوده في حارة البحر.. أخذ الصحف يقلب عناوينها المثيرة.. ازداد توتراً.. همس هذا أنا مشجع.. كيف اللاعبين الليلة.. كان الله في عونهم.. طلب من زوجته إيقاظه قبل الظهر.. يختلس ساعة راحة ليذهب للمسجد يصلي.. يدعو لفريقه المفضل ثم يأخذ طريقه للجوهرة.. ولم ينس تذكير أم العيال بإعداد الصيادية وجبته المفضلة بعد كل ديربي.. توقف العم سالم أمام الإشارة الحمراء.. وسرح بخياله في أجواء اللقاء وتفاصيله يطرح سيلاً من الأسئلة.. أين سترقص الأفراح الليلة في شارع التحلية أو الصحافة.. كيف ستنام العروس.. هل ينجح عقلاء الأهلي في معالجة الضغط النفسي الرهيب الذي يهدد اللاعبين بفقدان التركيز العالي والتوازن الذهني والنفسي.. هل ينجح الملكي في تجاوز أكبر عقبة في طريقه لتحقيق الحلم الذي طال انتظاره ثلاثة عقود.. ويقضي نهائياً على آمال العميد في المنافسة بعد توسيع فارق النقاط إلى (8).. هل يستعيد الأهلي هيبته وكبرياءه الليلة بعد اكتمال صفوفه وعودة شيفو وعودة الجهة اليسرى للعمل بأقصى طاقة ممكنة عبر محور شيفو والمؤشر.. هل سنرى اشتعالاً في الجهة اليمنى بعد عودة بصاص.. ماذا سيفعل فيتفا في مدافعي الاتحاد.. هل يكرر السومة زيارته للشباك الاتحادية.. وهل يكرر تيسير العسير أهدافه السينمائية.. وقبل أن يواصل العم سالم طرح أسئلته فتحت الإشارة الخضراء.. مضى سريعاً على طريق المدينة هرباً من الزحام.. مرة أخرى.. يتوقف أمام أحد الكافيهات.. طلب شاي عدني.. وزجاجة ماء معدنية.. وعاد مجدداً لطرح الأسئلة.. ماذا عن العميد القادم من جبل علي.. وهو الوحيد الذي أقام معسكراً خارجياً.. ماذا يخبئ بيتوركا لجروس.. وهل وجد البديل المناسب لمونتاري (الفتوة) الغائب وهل سينجح ريفاز في إلقاء التحية على شباك المعيوف.. وهل تتكسر هجمات الأهلي على صخرة عسيري وزياد وياسين.. وماذا سيفعل فهد الرصاصة.. هل سيفتح شوارع في دفاع الأهلي الحصين المتماسك الأقوى والأفضل في دوري جميل هذا الموسم.. تناول عم سالم كوب الشاي العدني.. لم يدعه يبرد.. تناوله ساخناً.. فالوقت يمضي بسرعة.. فجأة توقف أمام طابور السيارات ترفرف عليها أعلام الملكي والعميد.. جدة كلها في طريقها للجوهرة.. عاد مجدداً لطرح الأسئلة.. من سيفوز بها من سيكحل عيون جماهيره بالفرحة؟ من سيحافظ على فرصته في المنافسة ومن سيهدرها؟.. يقول العم سالم.. أكيد الفائز هو من يلعب بثقة.. وهدوء وتركيز.. يمرر بدقة.. يقاتل على كل كرة.. لا يهدر الفرص.. لا يخرج عن جو المباراة بالاحتكاك بالحكم.. يحترق عطاءً وجهداً من أجل الجماهير التي تؤازره.. أخيراً.. وصل العم سالم الجوهرة المشعة.. ولم تتوقف الأسئلة.
ـ العم سالم اتحادي الميول أم أهلاوي الهوى؟ وهل سيتناول صيادية السمك ويحبس بشاي طايفي بعد المباراة أم يقول لزوجته.. شيلي الأكل.. مالي نفس الله يسامح من كان السبب.