في بلاد البن والسامبا والتي تستعد لاستضافة مونديال 2014 وتستضيف حاليا كأس القارات التي وصل فيها المنتخب البرازيلي بقيادة مدربه لويس فيليب سكولاري إلى مباراتها النهائية يوم غد الأحد أمام الأسبان أبطال مونديال 2010 .. وفي البرازيل ها هي كرة القدم تتحدى وتهزم السياسة .. وفي البرازيل تبقى كرة القدم أهم من الخبز دائما وليس أحيانا .. فالبرازيل التي تعيش تحت خط الفقر طالما أبهرت العالم بالمواهب الكروية لدرجة أن العالم أطلق عليهم سحرة الكرة .. وفي ظل أفراح الجماهير البرازيلية بالوصول إلى نهائي كأس القارات غدا .. تستمر موجة المظاهرات والاحتجاجات الشعبية من الفقراء بأن الملايين من الدولارات التي أنفقتها الحكومة البرازيلية على إنشاء واستضافة كأس العالم كان الفقراء هم الأولى بها لتطوير الإسكان والتعليم والصحة والمواصلات .. لكن النصف الآخر من الشعب يرون أن الكرة أهم من الخبز والمواصلات .. وأن في استضافة البرازيل لمونديال 2014 فيه (أكل عيش ومصلحة) للفقراء من خلال الاستفادة من ملايين السياح وعشاق الكرة والذين سوف يتوافدون على البرازيل بحثاً عن المتعة الكروية .. وربما متعة أخرى على ضفاف شواطئ البرازيل الساحرة. وبعيدا عن البرازيل نذهب إلى تركيا حيث نجحت الرياضة في إلحاق هزيمة ساحقة بالسياسة عندما انطفأت نار المظاهرات في ساحة تقسيم ضد التعديلات الحكومية مع بداية استضافة الأتراك لكأس العالم للشباب لكرة القدم ولدورة البحر الأبيض المتوسط .. وها هي الرياضة في مصر تتواصل ولا يزال للمنتخب المصري الأول في كرة القدم فرصة كبيرة للتأهل لنهائيات كأس العالم في البرازيل رغم الأحداث السياسية الساخنة في بلاد النيل .. حتى السياحة في مصر لم تتوقف رغم الخوف من المظاهرات .. وها هو المنتخب المصري للشباب يشارك في كأس العالم في تركيا .. إنها الكرة والرياضة يا سادة حتى السياسة التي تفرق بين الناس فإن الرياضة والكرة تجمعهم .. في لبنان رغم اختلاف المذاهب والعقائد فإن الكرة وحدت الطوائف اللبنانية من خلال انتصارات وتفوق المنتخب اللبناني .. والعراق حققت كأس آسيا في وسط نيران الاحتلال والحرب الأهلية .. والكويت حتى في أيام الاحتلال العراقي شاركت في الدورة الآسيوية في الصين بدعم مباشر من الأمير الراحل فيصل بن فهد بن عبد العزيز ويومها غادرت البعثة السعودية والكويتية من الرياض بطائرة خاصة واحدة وكنت أحد أعضاء البعثة الاعلامية ولا أنسى أن البعثة الكويتية قوبلت بتصفيق حاد من أكثر من 120 ألف متفرج في حفل الافتتاح. وفي ليبيا لم تتوقف الكرة ومشاركات المنتخب الليبي في البطولات الخارجية حتى بعد سقوط الطاغية القذافي .. ونفس الموضوع في تونس التي تقدم منتخباتها أجمل المستويات في المشاركات الخارجية. والواضح أن كرة القدم والرياضة هي (أفيون الشعوب) وربما تبرز كرة القدم على الواجهة على اعتبار أنها الأكثر شعبية وكم من الدول استغلت حب الجماهير لكرة القدم لأهداف سياسية .. وكم من الدول كرهت بعضها البعض بسبب نتيجة كرة قدم .. وكم من رؤساء الدول اكتسبوا شعبية جارفة من خلال حضورهم للملاعب .. وربما يعرف الملايين من سكان العالم بيليه وكاكا ورونالدو ونيمار أكثر مما يعرفون اسم رئيسة البرازيل .. إنها كرة القدم يا سادة عند الشعب البرازيلي وربما بعض الشعوب الفقيرة أهم من الخبز .. وفي مصر قال أحدهم مقولته المشهورة في الشعب المصري بأنه يفطر الفول ويتغدى كرة قدم .. ويتعشى على صوت أم كلثوم .. وفي السعودية وفي عز الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي ـ إن جاز التعبير ـ كانت ملاعب كرة القدم في بلاد الحرمين قد تحولت بالفعل إلى مظاهرات من الحب والولاء والطاعة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز متعه الله بالصحة والعافية حيث ارتفعت الأعلام السعودية الخفاقة إلى جانب صور الملك عبد الله وهي الفترة التي تزامنت من عودة الملك من رحلته العلاجية وكانت هذه الملحمة الشعبية الكبرى التي كانت أكبر رد على المتربصين والحاقدين على بلاد الحرمين وهم كثر رد الله كيدهم إلى نحرهم. من حسن حظي أنني كاتب رياضي ولا أحب السياسة أصلا .. ولكن حرصت من خلال هذه السطور أن أربط الرياضة والكرة بالسياسة من خلال ما يحدث من حولي في العالم بداية بالبرازيل ومرورا بتركيا ومصر ولبنان والعراق ومصر والكويت وليبيا وتونس التي لم تقف فيه العواصف والتغييرات السياسية في وجه الكرة .. كل هذا ولايزال البعض ينظر إلى كرة القدم على أنها مضيعة للوقت وللمال .. فالكرة مثلا بالنسبة للشعب السعودي هي المتنفس الوحيد للشباب رغم انخفاض شعبية الكرة عند معظم الشباب السعودي الذي انشغل حاليا بالتويتر والوتساب والجالكسي والبلاكبيري والمسابقات الغنائية والمسلسلات المدبلجة من هندية وتركية وكورية والدليل أنني حرصت على مشاهدة مباراة البرازيل وإيطاليا في كأس القارت في أحد مقاهي جدة على شاطئ البحر وفوجئت بأنني الوحيد الذي يتابع المباراة وسط مئات الشباب الذين كانوا يتابعون إحدى حلقات برنامج (عرب أيدول) في قناة (إم بي سي) فأصابني نوع من الإحباط وقلت (راحوا الطيبين).