يبدو أن داء التفرقة والعنصرية التي اجتاحت الوسط الرياضي العالمي قد تفشت بشكل أكثر خجلا وأزعم أنها ثقافة مجتمعات ليس أكثر.. وهي العنصرية التي نهى عنها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام منذ 1430 سنة عندما قال (دعوها فإنها منتنة) .. ومن يختصر قضية العنصرية في هتافات مراهقين هلاليين ضد لاعبي الاتحاد لأكثر من مرة أو في تصريح لعضو مجلس الإدارة الاتحادية المحامي عمر الخولي الذي (جاب العيد) قبل حلوله عندما صرح لقناة (العربية) قبل أيام بقوله: إن أعضاء شرف الاتحاد وذكر بعضهم بالاسم أسقطوا إدارة محمد بن داخل لأنه ليس من أبناء جدة، وأن منصب رئاسة نادي الاتحاد يجب ألا يخرج من البيوت والعوائل الجداوية .. وهذا تصريح من الخولي أعنف من تصريحه السابق بتلقيه مبلغ 500 ألف ريال رشوة من أجل تقديم استقالته وإسقاط إدارة ابن داخل بعدم اكتمال النصاب .. وأعتقد أن موقف رعاية الشباب لا بد أن يكون أكثر حزماً لمواجهة مثل هذه القضايا التي تهدد لحمة أبناء الوطن الواحد .. هذا الوطن الكبير المملكة العربية السعودية التي وحدها الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ ولن يقبل أحد بالمساس بهذه الوحدة الوطنية.
والواضح أن ثقافة المجتمع تجاه هذه المواضيع الحساسة لا بد أن تتغير لأن ما يحدث في الوسط الرياضي هو إفراز وتنفس لثقافة مجتمع ربما تظهر في الرياضة بشكل أكبر .. والواضح أن العنصرية أصبحت بالفعل عالمية ودولية وكم من الحروب والقتلى من الأبرياء ذهبوا ضحية تحزبات وعنصرية بغيضة .. وها هو السويسري جوزيف بلاتر رئيس جمهورية كرة القدم العالمية (فيفا) يمارس العنصرية ضد الدولة العربية الخليجية (قطر) ومعه الإعلام البريطاني والأوروبي بكل ترسانته الإعلامية تضغط على (فيفا) من أجل تهديد قطر تارة بسحب استضافة مونديال 2022 وتارة بنقلها من الصيف إلى الشتاء على طريقة أغنية فيروز الشهيرة (حبيتك بالصيف .. حبيتك بالشتاء) لمجرد أن قطر تفوقت في ملف الاستضافة على أمريكا وإنجلترا .. حتى رئيس الاتحاد الآسيوي السابق العربي القطري محمد بن همام أسقطوه من كل المناصب القارية والدولية بتهم باطلة خرج منها بريئاً بعد ذلك .. وكانت حرب بلاتر لابن همام بعد أن رشح ابن همام نفسه لمنافسة بلاتر على رئاسة (فيفا) بعد صداقة طويلة وحميمة بينهما خاصة وأن قطر لها مواقف مشرفة مع (فيفا) عندما أنقذت نهائيات كأس العالم للشباب بعد أن تعذر إقامتها في نيجيريا .. ها هو بلاتر والإعلام الأوروبي يمارسون الضغوط على قطر بموضوع العمالة و حقوق الإنسان .. وقضية الصيف والشتاء .. وعندما استضافت الولايات المتحدة الأمريكية مونديال 94 كانت درجة الحرارة تصل إلى الـ 50 ولم نسمع حديثاً حول الطقس، حتى الجماهير في الملاعب في 94 كانت تخلع قمصانها في المدرجات من شدة الحرارة رغم أن قطر أبدت استعدادها لتكييف الملاعب في حالة إقامة المونديال في الصيف .. ولعل من حضر نهائيات مونديال كوريا واليابان كان يعاني من شدة الحرارة والرطوبة العالية .. وقبل أيام تواجدت في الدوحة والتقيت بعدد كبير من الإعلاميين القطريين الذين طالبوا الإعلاميين العرب بالوقوف مع قطر ضد الحملة الإعلامية المكثفة ليس من أجل شيء ولكنهم استكثروا على دولة عربية خليجية صغيرة في مساحتها كبيرة في طموحها أن تنظم كأس عالم .. إن (فيفا) نفسه الذي يزعم أنه يحارب العنصرية هو نفسه يحتاج إلى من يعالج فيه الفساد والعنصرية.
أعود لما حدث من بعض الجماهير الهلالية في مباراة فريقها الدورية أمام الاتحاد في الرياض وما صاحب ذلك من تصعيد اتحادي إعلامي من خلال بيان واحتجاج .. ولم يكن الموضوع بحاجة إلى كل ذلك وكان من المفترض أن تكون لجنة المسابقات في اتحاد الكرة هي صاحبة المبادرة باتخاذ عقوبة سريعة بأن يلعب الهلال مباراة على أرضه بدون جمهور وهذه هي عقوبة للجماهير ومن الظلم أن نقحم الإدارة الهلالية في هذا الأمر .. ونفس التصرف من لجنة الانضباط واتحاد الكرة تجاه تصريحات (عمر الخولي) والتي لا تليق بتاريخ عميد الأندية السعودية (الاتحاد) الذي استهجنت جماهيره كلام الخولي والمطالب حالياً أمام الرأي العام بإثبات ذلك .. لأنه من الصعب أن يقول الإنسان كلمة ولا يملك الأدلة عليها .. أنا لا أطالب بأن يتحول الوسط الرياضي السعودي إلى (المدينة الفاضلة).. ولكن لا نقول إلا (اللهم لا نسألك رد القضاء .. ولكن نسألك اللطف فيه).