|


خالد قاضي
مبروك (زايد) للاتحاد
2010-05-22
كان نحيلاً مغموراً يلعب بين الخشبات الثلاث في فريق الرياض خلف شقيقه المدافع أحمد زايد.. عندما كان الفريق أسعد عبدالكريم يومها مهندس الصفقات الاتحادية المحلية والأجنبية، وأذكر أنه أراد أن يجاملني بانفراد خبري وهو انتقال الحارس المغمور مبروك زايد من الرياض إلى صفوف الاتحاد.. يومها لم أشعر حقيقة بأن انفرادي بنشر هذا الخبر سيكون له صدى كبيراً في الأوساط الكروية السعودية والاتحادية، ولم أكن أتوقع حتى بنسبة بسيطة أن هذا الحارس الصغير المغمور الذي يدعى مبروك زايد سيكون يوماً ما حارساً للمنتخب السعودي الأول أو حارساً أساسياً للفريق الاتحادي الأول.. وكنت أعتقد أن هذا الحارس سيكون صديقاً لدكة الاحتياط الاتحادية.. لكنها عين الخبير الكروي أسعد عبدالكريم الذي أذكر أنني قلت له أريد الانفراد بخبر أقوى من خبر هذا الحارس المغمور، ويومها رد علي (أبو محمد) ولازلت أذكر كلماته بأن هذا الحارس سيكون له شأن كبير في الكرة السعودية.. ولا أدري لماذا تذكرت هذا الموقف وأن أسعد عبدالكريم كسب التحدي معي رغم أن سنوات طويلة مرت على هذا الموضوع.
ما أن تذكر بطولات الاتحاد في السنوات الأخيرة إلا ويذكر معها الحارس مبروك زايد سواء من حيث الحضور الآسيوي في النهائيات القارية وفي جميع النهائيات المحلية وكأس العالم.. لقد تحدى مبروك زايد بـ(نيته الطيبة) وتواضعه مع الجميع ورفع شعار إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب.. وترك إثبات الوجود لنفسه داخل الشباك في المستطيل الأخضر بعيداً عن فلاشات الفضائيات ولم يلتفت يوماً ما إلى المتربصين به من النقاد حتى الذين كانوا أصدقاء له في يوم ما.. حتى زميله حسين الصادق قذفه بالتهم يوم أن أخذه النوم ولم يتمكن زايد من مرافقة الفريق في رحلة خارجية لخوض مباراة آسيوية.. فضل مبروك الصمت.. حتى عندما تعرض للإصابة وابتعد عن الملاعب وحل مكانه الحارس النتيف المنسق من صفوف الأهلي قالوا بأنه لامكان لمبروك زايد في المرمى الاتحادي.. ولكن كما قالوا (أبونية غلب أبو نيتين) لأنني منذ عرفت هذا المبروك الزايد ومن خلال مرافقتي للاتحاد في أكثر من مشاركة خارجية في المغرب والكويت واليابان كنت أرى في مبروك زايد أنه رجل قليل الكلام كثير العطاء.. حتى في لحظات الظلم الإعلامي ومن أقرب المقربين.. وهاهي الأيام تنصف هذا الحارس الصامت النحيل في جسمه العملاق في أدائه.
ولم تكن نجومية مبروك زايد في نهائي كأس الأبطال أمام الهلال في ختام المسك الكروي لهذا الموسم بحضور أغلى الرجال خادم الحرمين الشريفين إلا إنصافاً لهذا الحارس الكبير الذي لم يأخذ حقه من الإعلام وتأكيداً على مقولة بأن حراس المرمى هم الأكثر ظلماً من الإعلام.. فالهزائم والمصائب على رأسهم عند الخسارة وعند الفوز هم الأقل حظاً من غيرهم وتذهب عبارات الثناء والمديح إلى غيرهم.. إن الحق يجب أن يقال للتاريخ وليس للمجاملة والمحسوبيات إن من مهد الفوز للاتحاد بكأس الأبطال الأخيرة هو الحارس مبروك زايد.. والعملية لا تحتاج إلى حسابات فالحارس زايد هو من صنع الفارق وهو من فتح لمحمد نور تسجيل هدف الفوز بالضربة الترجيحية الأخيرة بعد أن تصدى زايد لضربة الفريدي الهلالية وهي التي قدمت الفوز للاتحاد.. وعلى طاري أن حراس المرمى هم الأكثر ظلماً فمن باب الإنصاف أيضاً طالما أن الحديث عن نهائي كأس الأبطال فإن الحارس الهلالي حسن العتيبي الذي تحمل من الهلاليين مالا تطيقه الجبال عندما عرض أكثر من مرة على قائمة الانتقال ولعب للقادسية بنظام الإعارة.. وكما نشيد بمبروك الاتحاد فإن حسن الهلال أنقذ فريقه من الخسارة في الوقت القاتل عندما تصدى ببراعة لضربة الجزاء التي سددها محمد نور في الدقيقة الأخيرة من الوقت الأصلي.
أنصفوا الحراس المظاليم.. وتذكروا أن الإيطالي بوفون هو من قاد إيطاليا للفوز بكأس العالم 2006م.. وعندما يتذكر جمهور الاتحاد كأس الأبطال في عام 1431هـ عليهم أن يتذكروا بمداد من ذهب الحارس مبروك زايد.. وعندما يتذكروا مبروك زايد يجب عليهم أن يتذكروا أن الفريق أسعد عبدالكريم العضو الاتحادي الفعال هو من أحضر هذا الحارس في غفلة من عيون كل الأندية الكبيرة.