|




عدنان جستنية
الشيطان لايشجع الكرة في بلاد الغرب
2011-05-03
بعدما انتهيت من دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كنت مبتعثا من مؤسسة الخطوط العربية السعودية لدراسة هندسة الطيران، اتجهت بعدما استقر بي الحال وظيفيا وأسريا إلى أحد أئمة المساجد بمدينة جدة لأوجه إليه سؤالا أقلقني كثيرا طيلة فترة دراستي هناك ولم أجد له إجابة عندي، وذلك على إثر انبهاري (إعجابا) بالشعب الأمريكي وما رأيته في بعض سلوكياتهم ولمسته في أسلوب تعاملاته في حياته اليومية من تقدير لـ(الوقت) من خلال الالتزام بمواعيد الحضور والخروج والوفاء بالوعد في الزمن المحدد بالثانية وتطبيق للأنظمة بحذافيرها في العديد من المجالات، ولعل من أبرزها ما شاهدته من تنظيم مروري أثناء قيادتهم للسيارات بدون رقابة من (رجل المرور) لأسأل إمام المسجد: لقد كنت أسمع مقولة يرددها البعض عقب عودتهم من رحلات سفر كانوا في بلاد (سام) وأخرى أجنبية وهي (أننا شاهدنا في بلاد الكفار إسلاماً بدون مسلمين)، فلم أكن أصدق هذه المقولة آنذاك، ولكنني الآن وبعد (التجربة) التي مررت بها وعشتها بت أصدقها، فما هو السبب ياشيخنا في إننا كمسلمين لانطبق ما أمرنا به (ديننا الإسلامي) بينما الكفار حريصون عليه؟
ـ ضحكت ضحكة (حبستها) في صدري وأنا أستمع إلى إجابة فضيلة الشيخ وهو يوضح لي سبب هذه المفارقة العجيبة قائلا: إن (الشيطان) لعلمه بأن الكفار مأواهم جهنم وبئس المصير أصبح لاوجود له هناك، إنما عندنا في بلاد الإسلام فحدث عن وجوده جنوده ولاحرج، طبعا لم اقتنع برأي الشيخ الذي ربما فاجأته بذلك السؤال، فما كانت أمامه إجابة فيها(تفسير) لهذين الموقفين إلا ما ذكره كنوع من الهروب من حقيقة مؤلمة.
ـ أثناء تواجدي في نهائي بطولة آسيا عام2005م التي أقيمت في كوريا الجنوبية وفازفيها فريق نادي الاتحاد، وبعدما انتهت المباراة لاحظت أن الجمهور الكوري بدأ يصفق للفريق الاتحادي ولم يخرج من الملعب كما يحدث عندنا لمجرد هزيمته، فقلت محدثا نفسي ربما أن هذا الجمهور أراد أن يعبر عن غضبه تجاه لاعبي ناديه فاستخدم هذا الأسلوب (الحضاري) بدلا من (سبهم وشتمهم) كما يفعل (أبورياض) مع لاعبي نادي الاتحاد وكان آخرها أمام القادسية في ملعب الأمير عبدالله الفيصل بجدة، إلا أن المفاجأة كانت لي في شوارع المدينة الكورية ومطارها، حيث إن كل الجماهير كانت (تحيي) لاعبي الاتحاد وهم داخل (الأوتوبيس) وبابتسامات عريضة يقدمون لهم (التهاني) البديلة عن لغة كلام لن يفهموها.
ـ سؤال آخر حاصرني هناك ثم بعد عودتي: هل ما شاهدته من (روح رياضية) عند الجمهور الكوري هو نتاج تربية شكلت وكونت لديهم هذه (الثقافة) أم أن ما رأيته يعبر في الواقع عن دم شعب (بارد) لايكترث بالخسارة ولايتأثر بما تعني (الهزيمة)؟
ـ لم أحاول البحث عن إجابة لهذا السؤال، لأنني خشيت أن (أصدم) مرة أخرى برأي يميل إلى الخيار الثاني الذي طرحته فيقول صاحبه (أبو دم حار) سيبك من هذه المثالية ترى صدورهم (تغلي) قهراً من الهزيمة لكنهم شعب (بارد) أو أن (الشيطان) لايشجع الكورة في بلاد الغرب مثلما يشجعها في البلاد العربية والإسلامية ولهدا لاتراهم يتأثرون!
ـ أمام كل هذه (التناقضات) لا أظن أن الإجابة على كل الأسئلة العالقة في ذهني وذهن كل القراء تحتاج إلى (فلسفة) لتبقى في نفس إطار تلك المبررات التي تؤدي إلى (تجاهل) تعاليم ديننا الحنيف وإخلاقيات التنافس الرياضي الشريف لتدخل الكورة الآن في نفق أسوأ يربط السياسة بالرياضة من خلال تشجيع ليس له أي علاقة بخلق الإنسان (المسلم) وشعارات خارجة تماما عن (الروح الرياضة) وفي ذلك تدمير لمعانٍ وقيم إسلامية أكثر مما تحثنا عليه الرياضة ومن يروجون لأهدافها النبيلة.. وهنا مصدر (خطر) جسيم جدا يمس (العقيدة) قبل أي شيء آخر.