|


أحمد الحامد⁩
الأمثال الإنسانية واحدة
2019-07-29
مهما تعددت الأجيال وتطورت وسائل الخدمات والترفيه تبقى للأمثلة قيمتها حتى وإن قدمت، أعتقد لأنها مرتبطة بالطبيعة الإنسانية لا بالزمن أو المكان.
بعض الأمثلة المحلية تصلح لأن تكون عالمية لأنها بطبيعة البشر، وقد يكون هناك مثل شعبي في دولة عربية له نفس المعنى في قارة أمريكا، عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة، هذا المثل العربي هو نفسه في أمريكا “عصفور في اليد يساوي اثنين على الشجرة”، الفارق بين المثل العربي والأمريكي هو عدد الطيور العربية الأكثر، الغريق يتعلق بقشة هو نفسه عند الأمريكان مع فارق بسيط: الغريق يتعلق بحبال الهواء.
الإنجليز لهم أمثلتهم العريقة أيضاً: الضمير الآثم لا يحتاج لاتهام، يقابله المثل العربي: كاد المريب أن يقول خذوني.. ومثل إن اللبيب من الإشارة يفهم هو نفسه عند الإنجليز: حسبُ الحكيم كلمة واحدة..
للهنود أمثلتهم الحكيمة دائماً، لكن أمثلتهم مهما تنوعت لن تفلت من سماء أمثلتنا العربية، وما لا نجد له نفس المعنى بلغتنا العربية سنجده في أمثلتنا الشعبية، يقول المثل الهندي: الجهل هو سلام الحياة، ويقول أشقاؤنا المغاربة: استهبل تكسب!،
أما مثلهم القائل: كنوز البخيل تؤول إلى اللصوص فهو نفس المثل الخليجي: مال البخيل للعيّار.. أما أهل اليونان وفلاسفتهم فيشتركون معنا في العديد من الأمثلة، مثلنا العربي القائل: في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، يقوله اليونانيون: من يستعجل كثيراً في النهاية يتعثر، ويقول مثلنا العربي: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، ويقول اليونانيون بنفس المعنى: إذا أكسبك الكلام مالاً، فالسكوت يكسبك ذهباً، الألمان أمثلتهم متينة مثل صناعاتهم، الليل له أعين يقابله عندنا الجدران لها آذان، جميعها يصب في استراق السمع والتجسس، أما مثلهم القائل: القميص الأخير ليس به جيوب هو نفس المثل العربي الذي يقال بعدة لهجات: الكفن ما له جيوب!
لا شك أن بعض الأمثلة المتشابهة في المعنى قد يكون لها مصدر محدد لكنه انتقل من أمة إلى أخرى، وإن الكثير من الأمثلة بصورة عامة سافرت من مكان إلى آخر مع أفواه البشر وترجمات الكتب، لم يعرف عن أي إنسان بأنه اختص بتأليف الأمثال، كما اختص كتاب الأغنية والشعراء بتأليف قصائدهم، الأمثال تلخصها المجتمعات والأمم من تجارب ومواقف إنسانية كوصايا للأجيال القادمة، ولكل باحث عن الحكمة.