|


طلال الحمود
حالة هلع
2020-03-15
لا صوت هذه الأيام يطغى على ضجيج المعركة ضد فيروس كورونا، بعدما تحولت الاهتمامات نحو هذا الوباء العالمي بطريقة غيرت حياة الناس وأجبرتهم على معايشة أجواء أشبه بالتعبئة العامة قبل اندلاع الحروب الكبرى، وعاد مع عودة الأزمات أصحاب الدعوات إلى شراء كل الكميات المتاحة في الأسواق من الطعام والشراب والمعقمات وتخزينها تحضيراً لمواجهة الأيام السوداء المقبلة، مع أن توفر الأغذية لن يجدي نفعاً مع انقطاع الكهرباء والماء والوقود والدواء لأكثر من أسبوع.
هذه الحالة عرفها السعوديون في كثير من الأزمات، وكان آخرها أثناء عمليات تحرير الكويت في عام 1991، قبل أن يكتشفوا أن ما حدث في عامي 1967 و1973 تكرر أيضاً مع تكدس الأغذية في البيوت وتكبد خسائر مالية بفعل قرارات يحكمها الخوف غير المبرر. خاصة أن بعضهم لا يفرق بين الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار المرض، وبين وقوع الكارثة وفتكها بالناس.
في عام 2009 بلغت حالات الوفاة بفعل إنفلونزا الخنازير أكثر من 15 ألف حالة، بخلاف 25 مليون شخص قتلهم فيروس نقص المناعة المكتسبة منذ 1981، ومع هذا لم ينتشر الذعر في بقاع الأرض كما ينتشر حالياً، ويعود السبب غالباً إلى تعاطي الإعلام مع “كورونا” بطريقة لا تخلو من التهويل أحياناً، فضلاً عن التركيز على حالات الوفاة دون تسليط الضوء على الناجين من المرض، أو مناقشة مصير الحالات التي أصيبت قبل شهرين بالفيروس ولم تمت أو تشفى حتى الآن.
ومع كثرة الأرقام التي تحدثت عن شفاء المصابين بفيروس كورونا، إلا أن وسائل الإعلام العربية مثلاً لم تعثر إلا على طبيب فلسطيني تعافى من المرض في مدينة ووهان الصينية، وباتت تتداوله حتى أصبح يظهر في القنوات التلفزيونية أكثر من ظهور المذيعين أنفسهم، والحال نفسها في محطات التلفزيون العالمية وقنوات اليوتيوب الخاصة بالهواة، إذ لم يتحدث عن تجربته مع المرض إلا ثلاثة أو أربعة أشخاص، دون أن يعرف أحد أين اختفى أكثر من 80 ألف شخص تعافوا من كورونا، ولماذا لم تصل كاميرات التلفزيون إليهم.
لا أحد ينكر أن هناك وباءً عالمياً في عام 2020، غير أن حجم “الجائحة” ربما تم تضخيمه عشرات المرات بفعل الحمى الإعلامية والتعاطي غير المسبوق مع أخبار المرض، حتى تحول الأمر إلى ما يشبه كرة الثلج، خاصة مع تخوف الحكومات من التعرض لانتقادات في حال لم تتخذ إجراءات وقائية مشابهة لما تقوم به الدول الأخرى.