|


أحمد الحامد⁩
زعلان؟!
2020-10-05
لم أكن أدري أن للابتسامة يوماً عالمياً، تفاجأت عندما اكتشفت ذلك من حسابات التواصل الاجتماعي التي كانت تحتفل بالأمس وتكتب وتقتبس العبارات التي قيلت عن الابتسامة.
والحقيقة أنني من النوع الذي لا يعرف الكثير عن مثل هذه الأيام التي يخصص لها يوم رمزي لإحياء أو تذكر أصحاب الأفعال النبيلة وكل ما يوازيها. لن أضيف أية كلمات على ما قيل عن الابتسامة خصوصاً أن الأدباء كتبوا عنها بما يشبه جمالها، لكنني تذكرت تجربتي الاجتماعية عن الابتسامة التي خضتها في دول عدة اختلف فيها وضع الابتسامة ومفهومها. عشت في بلدة إنجليزية وتفاجأت في الأيام الأولى من إقامتي بأن الابتسامة هي أشبه بالسلام بين الجيران أو بين المارة في الطرقات والأسواق، وقد يصاحبها قول صباح أو مساء الخير. هكذا أعتدت عليها طوال إقامتي في تلك البلدة الصغيرة. بعد أشهر عدة سافرت إلى دولة عربية ورحت أوزع الابتسامات للرجال والنساء، لكنني لم أستمر على هذه الحالة طويلاً عندما استعدت رشدي وعدت إلى بيئتي التي أعتدت عليها بعد أن تلقيت نظرات عدة مريبة وانطباعات على أنني مجرد “مغازلجي” خصوصاً أن لا أحد كان يرد على ابتسامتي بابتسامة، ولم تتطلب عودتي إلى العبوس أكثر من يومين. وللابتسامة ذكريات لا أنساها خصوصاً تلك التي قدمتها لي ممرضة إنجليزية وهي تمسح بيدها على رأسي وأنا أستفيق من عملية جراحية، ورغم مضي 24 عاماً على عمر تلك الابتسامة إلا أن كل هذه السنوات لم تستطع محو تلك اللحظة وتأثيرها في قلبي الذي نسي الكثير من أحزانه وآلامه لكنه لم ينس ابتسامتها، وهذا يدل على عمق الأثر الذي تصنعه الابتسامة لأنها تستمد قوتها من الرحمة والرأفة، بينما يفشل كل من العبوس والغضب والمدافع والهجاء والعضلات والصد والهجر من تحقيق النصر في القلوب، بينما تحققه الابتسامة في لحظة واحدة. عندي صديق خبير في السفر، سألته عن رحلاته وعن طباع الشعوب، قال إنه وبعد سفرات عدة استطاع أن يعرف طبيعة الشعب الذي يسافر إليه بمجرد أن تطأ قدمه أرض المطار، كل ما كان يفعله هو البحث عن وجود الابتسامة على وجوههم.
أظن بأن أطفالي هم من علموني أن يكون وجهي مبتسماً أكثر الأوقات طوال تواجدي في البيت، لأنهم إذا رأوني غير مبتسم وتبدو الجديّة على وجهي كانوا يسألونني: زعلان؟!