في اليوم الرابع من شهر أغسطس لعام 1981م، أتى تركي بن عبد المحسن آل الشيخ، وكأن الصفات تتمازج بين الميلاد والتكوين، الإشراق الأكثر في العام للشمس والظلّ المُراد الوصول إليه. كانت الحرارة الشديدة في الرياض والأرض اللاهبة، وكانت “هيا أحمد العريني” جدّته التي أعطته طراوة الأيّام.
لم تكن مراحل البدء بالنسبة لتركي مزجًا للتشكيل، بل جذبًا من الروح الطيّبة للبناء الشخصي الكامل. رافقت الخطوات الأولى ابن الأسرة المتوسّطة وجعلته وهو يركب الحصان المذهّب فيما بعد فتى البدايات الدائم.
من الرحيق المتكوّن من رياض الثمانينيات تغذّى، ومن اللعب القديمة مارس هواية حفظ الأشياء.
يظن البعض أنه يُقدّم حياته للناس، بينما الواقع أنه يُعبّر على الدوام عن حُبّه للحياة وتفاصيلها المُتسلسلة في ذاته.. ولا يخشى من الحُب.. لا يقوى على الانفصال عن مُرافقة أحبابه ولا عن رائحة “جلال” جدّته وسجّادة صلاتها ورائحتها العبقة في المكان وحاجيّاتها الثابتة. تمامًا مثل صندوق أصيل تُخزّن الأثمان فيه والأسرار ولا غنى عن مرآته التي عليه.
في رحلة تركي آل الشيخ الكثير من الوجهات، لكنّ مروره بالعسكرية أعطاه أكثر من زي وأكثر من رتبة وأكثر من تحيّة مقام. حينما غادرت “البدلة” جسده وما عليها من نجوم، لوّح للجنود الصغار بيده وسقطت من روحه أدمع النجوم.
لا شيء مع “المستشار” إلا تركي، ولا ممرّات يعرفها جيّدًا إلا ما كان يقطعها نحو بيت جدّته وما ألفه من روائح اللُبان والبخور، وهو في طريقه إلى مبنى “إمارة الرياض” حين مروره بـ “المعيقلية” وشارع “الثميري” كُل صباح، ولا مسلك يُحب أن يمضي فيه إلا ذلك الذي أخذه من عالمه الصغير إلى العالم الواسع. لم يكن تركي آل الشيخ عجينة تَبَدُّل ولا تركيبة فراغ، بل مُرتفع يُطِلُّ منه مُحدّد الالتقاط وكاتبُ منازل الأقمار.
سيرةً الرياحُ هو، المكتوبة بيمين والمُسطّرة بحبرِ لم يعد منه نوع، المحفوظة جيّدًا، والرجل الذي وضع في عقله بساط التنقّل فطار عاليًا وقطع كُل المسافات باتجاه الارتفاع. رِحلة لا تغيب عنه ولا يغيب عنها وشخوص يروحون ويجيئون في باله وهو الذي لا يجلس على كرسي اليقين إلاّ ومعه الصور الأولى، الملتقطة لليوم الأوّل، والبدلة العسكرية الأولى، والمصوّر الأوّل في شارع “الثلاثين” ولعبته الأولى المُهداة له من “هيا بنت أحمد العريني”.
لم تكن مراحل البدء بالنسبة لتركي مزجًا للتشكيل، بل جذبًا من الروح الطيّبة للبناء الشخصي الكامل. رافقت الخطوات الأولى ابن الأسرة المتوسّطة وجعلته وهو يركب الحصان المذهّب فيما بعد فتى البدايات الدائم.
من الرحيق المتكوّن من رياض الثمانينيات تغذّى، ومن اللعب القديمة مارس هواية حفظ الأشياء.
يظن البعض أنه يُقدّم حياته للناس، بينما الواقع أنه يُعبّر على الدوام عن حُبّه للحياة وتفاصيلها المُتسلسلة في ذاته.. ولا يخشى من الحُب.. لا يقوى على الانفصال عن مُرافقة أحبابه ولا عن رائحة “جلال” جدّته وسجّادة صلاتها ورائحتها العبقة في المكان وحاجيّاتها الثابتة. تمامًا مثل صندوق أصيل تُخزّن الأثمان فيه والأسرار ولا غنى عن مرآته التي عليه.
في رحلة تركي آل الشيخ الكثير من الوجهات، لكنّ مروره بالعسكرية أعطاه أكثر من زي وأكثر من رتبة وأكثر من تحيّة مقام. حينما غادرت “البدلة” جسده وما عليها من نجوم، لوّح للجنود الصغار بيده وسقطت من روحه أدمع النجوم.
لا شيء مع “المستشار” إلا تركي، ولا ممرّات يعرفها جيّدًا إلا ما كان يقطعها نحو بيت جدّته وما ألفه من روائح اللُبان والبخور، وهو في طريقه إلى مبنى “إمارة الرياض” حين مروره بـ “المعيقلية” وشارع “الثميري” كُل صباح، ولا مسلك يُحب أن يمضي فيه إلا ذلك الذي أخذه من عالمه الصغير إلى العالم الواسع. لم يكن تركي آل الشيخ عجينة تَبَدُّل ولا تركيبة فراغ، بل مُرتفع يُطِلُّ منه مُحدّد الالتقاط وكاتبُ منازل الأقمار.
سيرةً الرياحُ هو، المكتوبة بيمين والمُسطّرة بحبرِ لم يعد منه نوع، المحفوظة جيّدًا، والرجل الذي وضع في عقله بساط التنقّل فطار عاليًا وقطع كُل المسافات باتجاه الارتفاع. رِحلة لا تغيب عنه ولا يغيب عنها وشخوص يروحون ويجيئون في باله وهو الذي لا يجلس على كرسي اليقين إلاّ ومعه الصور الأولى، الملتقطة لليوم الأوّل، والبدلة العسكرية الأولى، والمصوّر الأوّل في شارع “الثلاثين” ولعبته الأولى المُهداة له من “هيا بنت أحمد العريني”.