-في رواية “عصر الحب” لنجيب محفوظ، طبعة دار الشروق، الطبعة السادسة، صفحة “16”، تحمد البطلة ربّها وتقول: “الليل جميل”. في الطَّبْعة، أو النّسخة التي لديّ، يبدو حرف الميم ممسوحًا، فيأخذ القول معنىً آخر: “الليل جيل”!.
-سبق لـ”بورخيس” أنْ تحدّث بفتنة ساحرة عمّا يمكن للأخطاء المطبعيّة والإملائيّة منحه لنا من جَمَال وخَيَال!.
الهفوة الطّباعيّة تغيّر مسار المعنى ومَسَاري!.
أقْلِبُ الرّواية الصغيرة: بطن الصفحتين “16”، و”17” على ظهر الطّاولة، والغلافين الأول والأخير أمام عيوني:
-من اليمين، حيث الغلاف الأخير، صورة كبيرة بالأبيض والأسود لنجيب محفوظ بابتسامته الحزينة بعض الشيء والساخرة بعض الشيء والطّيّبة المُطمئِنَّة بعض الشيء!. وبنظّارته المؤطّرة بالأسود الحاسم، وبنظرته الهادئة الممتدّة إلى آتٍ!، وبريق إضاءة يستقرّ على زجاج النّظّارة، لا تدري هل هو آتٍ من نافذة يرى نجيب محفوظ من خلالها العالَم، أم هو بريق مُنبعث من عينيّ نجيب محفوظ نفسه إلى العالَم؟! وأتذكّر، رابطًا الصورة بالرواية، أنّ اسم البطلة “السِّتْ: عين”!.
-أعلى الغلاف الأخير، تُغطَّى تجاعيد جبهة الرّوائي الكبير بسطرين وتوقيع: “إنّ إنجاز محفوظ العظيم والحاسم يكمن في إبداعه في مضمار الرّوايات والقصص القصيرة.. بَيْدَ أنّ مدى إنجازه أوسع بكثير، ذلك أنّ أعماله تخاطبنا جميعًا.. (أكاديميّة نوبل السّويدية عام 1988)..”. وعلى أسفل الغلاف تلتصق كطابع ورقة صغيرة، مستطيلة، مُرقّمة؛ ومكتوب عليها سعر النّسخة!. كم تحدّث “مانغويل” عن الإزعاج، والضّيق، الذي يُسبّبه مُلْصَق السِّعْر بالنسبة لكثير من القُرّاء!.
-من اليسار، حيث الغلاف الأوّل: اسم نجيب محفوظ، مكتوب بهدوء وبطء.. وتفخيم، بخطّ يَدَوِيّ ذهبيّ كبير، تحته اسم الرّواية “عصر الحب” بخط أصغر بكثير، ولَوْن أبيض، على لوحة ذات فضاء برتقاليّ، أسفل الفضاء تتمدّد امرأة، تريد النوم ولا تستطيعه!، على سرير من سماء زرقاء، أو نهر!. الغلاف لحلمي التّوني.
-وأرجع إلى الحرف الممسوح تقريبًا من كلمة “جميل”، والذي بسببه صار للقول معنى آخر: “اللّيل جيل”!. وأتحرّك باتّجاه هذا المعنى الجديد، متساءلًا: هل الليل أجيال؟! متأمِّلًا ما تبقّى في الذّاكرة من ليالي الطّفولة، حيث لا كهرباء، ولا إضاءة باستثناء نار الحطب، للدفئ والاستئناس والقهوة، أو النّار الموقدة تحت تنّور الخبز، أو الفانوس المُعلّق والذي سيُطفأ عمّا قريب!. حيث نور القمر، والنّجوم متفاوتة البُعد والشعشعة!. ليل أسمر، يُشبه صورة نجيب محفوظ على الغلاف الأخير!.
-أعود فأنظر إلى عيون نجيب محفوظ، النّظرات تحمل جديدًا: شغب طفل مُحبّ للحياة ويريد اللّعب مع أطفال آخرين لا يبدو أنّهم يسمحون له بذلك كثيرًا!. في عيون نجيب محفوظ رغبة واشتهاء، دون حسد، لِلَعِبِ كرة قدم قبل حلول الظّلام النّهائي!. رغبة في لمس الكُرَة، وأمل في امتلاك مثلها في يوم من الأيام!.
-أعود من صورته لتصوّراتي: هل الليل أجيال؟! هل انقضى جيل ليل القمر والنّجوم؟! ذلك الجيل الذي يُمرِّن الإنسان منذ الطّفولة على رفع الرأس!، والنّظر إلى الأعلى وتأمّل البعيد؟! هل نعشق “طَلْعَات” البرّ، والتّخييم في الصّحراء، حنينًا لذلك الجيل الهادي المتهادي من الليل؟!.
-هلّ مرّ علينا، دون أنْ ننتبه كثيرًا، جيل ليل أضواء عيون السّيّارات، جيل ليل الإذاعة، وأشرطة الكاسيت، والتلفزيون الأبيض والأسود: “وكأنّ صورة الغلاف الأخير خَرَجَتْ منه”؟!.
-جيل الليل الكهربائي؟! هل كان جميلًا حقًّا وطيّبًا؟!. على الأقلّ لم يكن جيلًا يُجبرنا على طأطأة الرأس، مثلما يفعل جيل الليل الحالي: ليل الكمبيوترات والتواصل عن لا قُرْب!، جيل الأجهزة الجوّالة التي تمنعنا من التّجوّل!.
-أيّها اللّيل: نعم؛ نحن اليوم أقلّ عُرْضةً للضّياع من أيّ وقتٍ مضى، مع الشّكر للسّيّد “Google Maps”!. لكن هل كوننا أقلّ عرضةً للضّياع يعني أننا صرنا أكثر قدرةً على الاستدلال على أنفسنا؟! على أنْ يجد كلّ منّا نفسه حقًّا؟! يعرفها؟! هل أضعنانا؟! وإلى أيّ مدى.. وإلى متى؟!.
وبتغيُّرِ الطّبيعة هل تغيّر الطّبْع؟!.
-”قفلة”:
اللّيل مُوحِشْ غريبْ وحَيَّةٍ رَقْطا وديجورْ…
واللّيل طِيبْ ودِفا واختٍ تمازحني ونُوَّارْ!
ساعات احِس انْ هذا الليل: نَبْش عظام وقبورْ…
وساعات احسِّهْ: فرح بنتْ برسالة حُب واسرارْ!
…
ليلْ آتِشَمْشَم به اللّي مَرّْ.. نكهة خبز تَنُّورْ…
وليل آتِجَشّم به اهوالي.. لحالي.. واصبح: كثَارْ!
-سبق لـ”بورخيس” أنْ تحدّث بفتنة ساحرة عمّا يمكن للأخطاء المطبعيّة والإملائيّة منحه لنا من جَمَال وخَيَال!.
الهفوة الطّباعيّة تغيّر مسار المعنى ومَسَاري!.
أقْلِبُ الرّواية الصغيرة: بطن الصفحتين “16”، و”17” على ظهر الطّاولة، والغلافين الأول والأخير أمام عيوني:
-من اليمين، حيث الغلاف الأخير، صورة كبيرة بالأبيض والأسود لنجيب محفوظ بابتسامته الحزينة بعض الشيء والساخرة بعض الشيء والطّيّبة المُطمئِنَّة بعض الشيء!. وبنظّارته المؤطّرة بالأسود الحاسم، وبنظرته الهادئة الممتدّة إلى آتٍ!، وبريق إضاءة يستقرّ على زجاج النّظّارة، لا تدري هل هو آتٍ من نافذة يرى نجيب محفوظ من خلالها العالَم، أم هو بريق مُنبعث من عينيّ نجيب محفوظ نفسه إلى العالَم؟! وأتذكّر، رابطًا الصورة بالرواية، أنّ اسم البطلة “السِّتْ: عين”!.
-أعلى الغلاف الأخير، تُغطَّى تجاعيد جبهة الرّوائي الكبير بسطرين وتوقيع: “إنّ إنجاز محفوظ العظيم والحاسم يكمن في إبداعه في مضمار الرّوايات والقصص القصيرة.. بَيْدَ أنّ مدى إنجازه أوسع بكثير، ذلك أنّ أعماله تخاطبنا جميعًا.. (أكاديميّة نوبل السّويدية عام 1988)..”. وعلى أسفل الغلاف تلتصق كطابع ورقة صغيرة، مستطيلة، مُرقّمة؛ ومكتوب عليها سعر النّسخة!. كم تحدّث “مانغويل” عن الإزعاج، والضّيق، الذي يُسبّبه مُلْصَق السِّعْر بالنسبة لكثير من القُرّاء!.
-من اليسار، حيث الغلاف الأوّل: اسم نجيب محفوظ، مكتوب بهدوء وبطء.. وتفخيم، بخطّ يَدَوِيّ ذهبيّ كبير، تحته اسم الرّواية “عصر الحب” بخط أصغر بكثير، ولَوْن أبيض، على لوحة ذات فضاء برتقاليّ، أسفل الفضاء تتمدّد امرأة، تريد النوم ولا تستطيعه!، على سرير من سماء زرقاء، أو نهر!. الغلاف لحلمي التّوني.
-وأرجع إلى الحرف الممسوح تقريبًا من كلمة “جميل”، والذي بسببه صار للقول معنى آخر: “اللّيل جيل”!. وأتحرّك باتّجاه هذا المعنى الجديد، متساءلًا: هل الليل أجيال؟! متأمِّلًا ما تبقّى في الذّاكرة من ليالي الطّفولة، حيث لا كهرباء، ولا إضاءة باستثناء نار الحطب، للدفئ والاستئناس والقهوة، أو النّار الموقدة تحت تنّور الخبز، أو الفانوس المُعلّق والذي سيُطفأ عمّا قريب!. حيث نور القمر، والنّجوم متفاوتة البُعد والشعشعة!. ليل أسمر، يُشبه صورة نجيب محفوظ على الغلاف الأخير!.
-أعود فأنظر إلى عيون نجيب محفوظ، النّظرات تحمل جديدًا: شغب طفل مُحبّ للحياة ويريد اللّعب مع أطفال آخرين لا يبدو أنّهم يسمحون له بذلك كثيرًا!. في عيون نجيب محفوظ رغبة واشتهاء، دون حسد، لِلَعِبِ كرة قدم قبل حلول الظّلام النّهائي!. رغبة في لمس الكُرَة، وأمل في امتلاك مثلها في يوم من الأيام!.
-أعود من صورته لتصوّراتي: هل الليل أجيال؟! هل انقضى جيل ليل القمر والنّجوم؟! ذلك الجيل الذي يُمرِّن الإنسان منذ الطّفولة على رفع الرأس!، والنّظر إلى الأعلى وتأمّل البعيد؟! هل نعشق “طَلْعَات” البرّ، والتّخييم في الصّحراء، حنينًا لذلك الجيل الهادي المتهادي من الليل؟!.
-هلّ مرّ علينا، دون أنْ ننتبه كثيرًا، جيل ليل أضواء عيون السّيّارات، جيل ليل الإذاعة، وأشرطة الكاسيت، والتلفزيون الأبيض والأسود: “وكأنّ صورة الغلاف الأخير خَرَجَتْ منه”؟!.
-جيل الليل الكهربائي؟! هل كان جميلًا حقًّا وطيّبًا؟!. على الأقلّ لم يكن جيلًا يُجبرنا على طأطأة الرأس، مثلما يفعل جيل الليل الحالي: ليل الكمبيوترات والتواصل عن لا قُرْب!، جيل الأجهزة الجوّالة التي تمنعنا من التّجوّل!.
-أيّها اللّيل: نعم؛ نحن اليوم أقلّ عُرْضةً للضّياع من أيّ وقتٍ مضى، مع الشّكر للسّيّد “Google Maps”!. لكن هل كوننا أقلّ عرضةً للضّياع يعني أننا صرنا أكثر قدرةً على الاستدلال على أنفسنا؟! على أنْ يجد كلّ منّا نفسه حقًّا؟! يعرفها؟! هل أضعنانا؟! وإلى أيّ مدى.. وإلى متى؟!.
وبتغيُّرِ الطّبيعة هل تغيّر الطّبْع؟!.
-”قفلة”:
اللّيل مُوحِشْ غريبْ وحَيَّةٍ رَقْطا وديجورْ…
واللّيل طِيبْ ودِفا واختٍ تمازحني ونُوَّارْ!
ساعات احِس انْ هذا الليل: نَبْش عظام وقبورْ…
وساعات احسِّهْ: فرح بنتْ برسالة حُب واسرارْ!
…
ليلْ آتِشَمْشَم به اللّي مَرّْ.. نكهة خبز تَنُّورْ…
وليل آتِجَشّم به اهوالي.. لحالي.. واصبح: كثَارْ!