|


طلال الحمود
بلا هوية
2023-02-26
أثار المنتدى السعودي للإعلام، الذي اختُتم في الرياض الأسبوع الماضي، الجدل بشأن تنظيم المناسبة، في حضور مئات المهتمين والممارسين من الداخل والخارج.
وتباينت آراء الإعلاميين ما بين الثناء على أعمال المنتدى قياسًا على مشاركة مجموعة من الأسماء اللامعة في مناقشة قضايا مهمة خلال الندوات، وبين توجيه الانتقادات إلى المنظمين بداعي كثرة المجاملات على حساب تحقيق الهدف من إقامته.
وجاء تنظيم المنتدى تحت مسمَّى “الإعلام السعودي”، ليعطي انطباعًا أوَّليًّا بأن المناسبة ستُخصَّص لمناقشة القضايا على المستوى المحلي بمشاركة الممارسين والمهتمين في المؤسسات الإعلامية في الداخل، لكنَّ المنتدى ظهر بلا هوية من خلال فتح المجال لمشاركة مئات الصحافيين، عربًا وعالميين، في الندوات، وتناول قضايا صناعة الإعلام بشكل عام، ما أثار تساؤلات عن دور هؤلاء في المنتدى وطبيعة مشاركتهم، خاصةً أنهم لم يأتوا لتدريس نظرائهم السعوديين خلال جلسات النقاش، ولم يأتوا للمشاركة في مؤتمر عالمي، أو حتى المنافسة على الجوائز التي تناوبوا على تقديمها دون صفة أو سبب!
ويتضح أن عدم وجود شكل للمنتدى، أو إطار محدَّد، تسبَّب في ضياع هويته، وأدى إلى تشتيت أفكار المشاركين، وكان من الأجدى أن تقام المناسبة تحت مسمَّى “منتدى الرياض الدولي للإعلام”، أو الدرعية أو طويق أو غيرها من العناوين المقيدة، بما يكفل استيعاب الفكرة وتوسيع المشاركة، بعيدًا عن الخلط الذي تسبَّب فيه مسمَّى “المنتدى السعودي” دون أن يكون له من اسمه نصيبٌ.
وبعيدًا عن هذه التجربة، كانت صناعة الإعلام المحلي في حاجة إلى ملتقى خاص، يمكن من خلاله مراجعة أداء المنصَّات السعودية، وقياس تأثيرها، داخليًّا وخارجيًّا، فضلًا عن مناقشات هموم المهنة محليًّا، بعيدًا عن الحرج، أو التحفُّظ بوجود مشاركين لا تعنيهم المناقشات.
وتبقى التحولات الكبرى التي صاحبت “رؤية 2030” جديرةً بمنتدى محلي لبحث التحديات الجديدة، وطرق تأهيل الجهات الإعلامية، تمهيدًا لتطوير أساليب الممارسة، التي ما زال أكثرها يعود إلى عصر ما قبل الإنترنت، علمًا أن تقنيات الاتصال تطورت بطريقة، أسهمت في خلط الأوراق لدى القائمين على المؤسسات الإعلامية، وجعلت بعضهم يعتقد بوجود صحافة مطبوعة وأخرى إلكترونية، وهذه إشكالية أدت إلى عدم استفادة الصحف من الوسائل الجديدة، وحالت دون أن تستفيد الصحافة من قوتها الحقيقية المتمثلة في المهنية العالية والمصداقية قياسًا على خبرة الهواة وناقلي الأخبار في وسائل التواصل الاجتماعي.