زايدو ونوال.. قصة حب سطّرها لاعب الفتح وفتاة المغرب
![](https://arriyadiyah.com//media/thumb/c2/d1/950_f3e8a3e016.jpg)
ليست فقط حمى التنافس والندّية هي كل ما يستعر في ميادين الرياضة، يوجد أيضًا قصص حب ملتهبة نبتت بذرتها ونضجت على أرض الملعب، وتطورت لاحقًا إلى زيجات ناجحة، والنماذج كثيرة، منها على سبيل المثال ارتباط الأمريكي أندريه أجاسي والألمانية شتيفي جراف، نجمي كرة المضرب، الذي كان مثار حديث العالم أواخر عقد التسعينيات.
وعبر نافذة انتقالات يناير الأخيرة، استقبل دوري روشن السعودي أحد أبطال هذه القصص.. زايدو يوسف، لاعب الفتح الجديد، الذي يدين لكرة القدم بالعثور على رفيقة روحه.
في الملاعب، خفق قلب زايدو مرات لا تعد ولا تحصى خلال التدريبات والمباريات، إمَّا إجهادًا أو تعبًا أو توترًا. ثمّة سبب مختلف جعل قلبه يدقّ بقوة حين ركض لأول مرة خلف اللاعبة المغربية نوال أوينخ، محاولًا منعها من التوغل نحو مرمى فريقه.
وُلِدت نوال في فرنسا يناير 1997 لأسرة مغربية مهاجرة تسكن مدينة بوردو، عاصمة مقاطعة جيروند. وخلافًا لغالبية الفتيات أحبّت من بين الرياضات، كرة القدم، وقادها الشغف باللعبة للالتحاق بنادي بلانكفورت، القريب من منزلها، ثمّ انتقلت لاحقًا إلى جاره أرلاك ميريجناك.
في المقاطعة ذاتها، احتفلت أسرة تنحدر من جزر القمر بميلاد طفلها زايدو، يوليو 1999. ومثل تلك الطفلة التي تكبره بعامين أحب هو أيضًا كرة القدم، وذهب ليتعلم أساسياتها في نادي باسينز الصغير. وعند بلوغه العاشرة تلمّس طريقه إلى بوردو، أكبر أندية جيروند.
ووقتما كان صبيًا يلعب لفئة تحت 14 عامًا، اتفقت إدارة ناديه مع نظيرتها في أرلاك ميريجناك على تنسيق مباراة تجريبية بين صغار الناديين.
حضر فريق أرلاك للعب تلك المباراة بقائمة مختلطة من الجنسين تتقدمها نوال، إحدى أبرز لاعبات الفئات السنية للنادي. على الجهة أخرى جاء زايدو مرتقبًا مع زملائه مواجهة تلك الفتاة التي تناهت إلى أسماعه أحاديث كثيرة عن مهاراتها وقدرتها الفائقة على المراوغة وإهانة الخصوم.
ومع أن بوردو استطاع الفوز بهدف دون رد، خرج زايدو بانطباع مذهل عن نوال شرحه بالقول: «كان من النادر بالنسبة لي رؤية فتاة تلعب كرة القدم وتسدد بقوة، كما كانت الأكثر تقنية بيننا على أرض الملعب. أنا لاعب وسط صاحب نزعة دفاعية، ولأكون صادقًا هي أفضل مني مهاريًا. يمكنك ملاحظة موهبتها بسهولة».
خلال المباراة، حاولت نوال زيارة مرمى بوردو وفشلت، لكنها أحرزت هدفًا آخر ولج قلب زايدو وحده وهزّ شباكه بعنف. وفي حين راح كل منهما لحال سبيله بعد المباراة، بقيت الخفقة تعاود قلب اللاعب الصغير كلما عنّت على باله ذكرى ذلك اللقاء.
في 2016، انتقلت نوال إلى نادي بوردو، شابة يافعة تبلغ من العمر 19 عامًا، متوسطة القامة بطول 160 سم تقريبًا، تملك خبرة لعب لنحو 3 أعوام في المستوى العمري الأعلى. وهناك التقت زايدو مجددًا، وعاصرت خطوة تصعيده للعب مع الفريق الأول لبوردو. تكرّرت لقاءاتهما وانقلب الإعجاب إلى علاقة حب تكللت بالزواج.
وبعد 3 أعوام، قرر الزوج حزم حقائبه متوجهًا من بوردو إلى نادي سانت إتيان في منطقة أوفيرن رون ألب، بحثًا عن مساحة مشاركة أكبر. قبل قراره بنحو عام عرف الخط البياني لمسيرة زوجته هبوطًا حادًا، وأعارها بوردو إلى فريق أمبيلي، ثم تركها إلى نظيره أورليانز، وكلاهما من الأندية المغمورة.
منذ رحيلها عن بوردو، ظل زايدو متطلعًا للم شمله مجددًا مع زوجته، لذا عرضها على مسؤولي ناديه الجديد فور قدومه. أبلغهم بأنها هدّافة أورليانز وستقدّم إضافة كبرى لفريق السيدات، وتقديرًا له وافقوا على منحها فرصة، واغتنمتها المغربية وفازت بعقد جديد.
خلال تلك الفترة، بدأت أضواء الشهرة تتسلل نحوهما. تحدثت وسائل الإعلام عن زوجين يحترفان في نادٍ واحد، وكلاهما أعسر القدم، ويلعبان في خط الوسط، ويرتديان القميص 28، ويحتفل كل منهما بعد تسجيل الأهداف بإغلاق قبضتيه ولصقهما سويًا من الأمام، على طريقة البولندي روبرت ليفاندوفسكي، مهاجم بايرن ميونخ السابق وبرشلونة الحالي.
ومن الأشياء التي ذكرها زايدو آنذاك في حواراته الإعلامية أنه قليل الاهتمام بكرة القدم النسائية، ولم يكن يودّ الارتباط بلاعبة، لكنه مع ذلك لا يفوّت أي فرصة متاحة للذهاب إلى المدرجات لمتابعة مباريات زوجته.
بينما هي، وعلى الرغم من ارتباطها الشديد بكرة القدم، كانت تضع اللعبة في مرتبة ثانية خلف حياتها الأسرية، وتعتبر نموّ زايدو وتقدمه بمنزلة نجاحًا شخصيًا لها. وعن ذلك قالت لصحيفة «ليكيب» الفرنسية: «لا أستطيع اللعب لبقية حياتي. أريد أن يكون لدي حياة عائلية وأطفال. أحلم بتحقيق زايدو المزيد، لأنه إذا فعل ذلك، فسأشعر كأنني أنا الذي فعلت».
وبعد تمثيلها سانت إتيان لمدة عامين، قرّرت اعتزال اللعبة بالفعل والتفرغ لبيتها، وكتبت على إنستجرام في 13 يونيو 2021: «بكل تأثر أنهي مسيرتي الكروية، بعد 20 عامًا من حب كرة القدم التي لم أكرس شبابي إلا لها.. شكرًا لكرة القدم التي جعلت قلبي ينبض طوال هذه الأعوام. شكرًا لكرة القدم التي منحتني الرغبة والعزيمة والمثابرة في كل ما فعلت.. شكرًا لكرة القدم التي جعلتني أتطور في الرياضة وبشكل خاص كامرأة. شكرًا لكرة القدم التي جعلتني أتحمل المسؤولية من خلال مغادرة المنزل مبكرًا. شكرًا لكرة القدم التي قدمت لي أشخاصًا رائعين أصبحوا الآن أخوات لي».
آنذاك كان زوجها لا يزال لاعبًا في سانت إتيان، وبعد اعتزالها قضى مع الفريق موسمًا إضافيًا وغادر فرنسا منتقلًا إلى فاماليساو البرتغالي، ومنه إلى الفتح أخيرًا.
ومثلما أبدت نوال امتنانها لكرة القدم التي قدمت لها «أشخاصًا رائعين» يقع في القلب منهم رفيق دربها، كذلك زايدو لا ينسى فضل اللعبة معترفًا: «لم أكن أريد فتاة تلعب كرة القدم. لكنني شعرت بالدهشة. كان الأمر جنونًا. اللعبة جعلتنا أقرب. خلقت اتصالًا بيننا. لم نكن لنصبح معًا لولا كرة القدم».