|




أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2025-05-22
مقال اليوم من أخبار، ودراسات العالم الذي نعيش فيه. أي عالمٍ بالتحديد؟ لأن الكل له عالمه، والكل يرى العالم بطريقته. لا يمكن أن نحدِّد العالم بشكلٍ واحدٍ، ومقاسٍ واحدٍ.
قال لي أحد الأصدقاء العرب ذات يومٍ، وكنا في لوبي فندقٍ حديثٍ: «والله، ركوة قهوة بجنينة حديقة بيتنا بتسوى عندي كل فنادق الخمس نجوم في الأرض». وقال لي أحد الأقارب ذات يومٍ: «أنا لا أقبلت على البر في الربيع ترد لي روحي».
يرى الرسَّامُ العالمَ لوحاتٍ فنيَّةً، والكاتبُ يراه كتبًا ورواياتٍ، والفلاحُ يراه سنابلَ وأشجارًا ونبتاتٍ. العالم في عقول الناس، يشبه الأفكار والقناعات، تختلفُ بشكلٍ كبيرٍ، لكنْ هناك عالمٌ حديثٌ، هو عالم التكنولوجيا، ويقوده صنَّاع التكنلوجيا والتطبيقات الاجتماعية العالمية. هذا العالم يقود الأكثرية! عالمٌ ينشر توجُّهاته وأفكاره وموضته ومنتجاته وأفلامه! عالمٌ يوهمنا بحرية قراراتنا، لكنه في الحقيقة يضع لنا خياراتٍ محددةً، جميعها صُمِّم لنا لنكون زبائنهم الدائمين!
«شات جي بي تي»، والتطبيقات المشابهة، ستصبح أهميتها مثل أهمية الكهرباء، لا يمكن الاستغناء عنها، ومثلما كان لظهور الكهرباء ضررٌ على تجار الشموع، ستكون لهذه التطبيقات الذكية آثارٌ سلبيةٌ على مهنٍ كثيرةٍ. عندما قرأت قبل عامٍ أن الذكاء الاصطناعي سيحلُّ بديلًا لجوانبَ من عمل المحامين، لم أصدِّق ذلك، لكنَّني صدقت بعدما قرأت قبل يومين أن قاضيةً أمريكيةً، تُفكِّر في فرض عقوباتٍ على شركة محاماةٍ شهيرةٍ، لأن أحد محامي الشركة استخدم برنامج «شات جي بي تي» لإعداد مذكِّرتين قانونيتين، قدمهما للمحكمة، أي أن «شات جي بي تي» صاغ المذكرتين! القاضية الغاضبة ستدرك لاحقًا أنها لن تستطيع الوقوف أمام موجة التقنية، وإن صمدت، فسيكون ذلك لفترة قصيرة.
الذكاء الاصطناعي لديه قدراتٌ عجيبةٌ. كتب لي أحدهم قبل أيامٍ رسالةً إلكترونيةً. أعجبتني صياغة الرسالة وتسلسلها، وعندما عبَّرت له عن جمال أسلوبه، ومهنيته في كتابة الرسالة، فاجأني بأن «شات جي بي تي»، هو الذي كتب له الرسالة كاملةً.
قبل عامين، لم أعرف أن الذكاء الاصطناعي لديه قدرةٌ كبيرةٌ على الرسم. كنت قد اتَّفقت مع مصممٍ على تنفيذ بعض الرسومات، فطلب مني مبلغًا كبيرًا، ووقتًا طويلًا، لكون الرسم عملًا فنيًّا، يحتاج إلى مزاجٍ ووقتٍ. وافقت، وبعد شهرين سلَّمني الرسومات، وقبض كامل المبلغ. لاحقًا، ومتأخرًا، اكتشفت أن الذكاء الاصطناعي هو الذي نفذ كل الرسومات، وفي أقلَّ من ساعةٍ!
لا أناقش في أهمية الدراسات والأبحاث، لكنْ كثرتها أصبحت مملَّةً، بل وبعضها يناقض بعضها الآخر. في آخر دراسةٍ حديثةٍ، كانت تجيب عن سؤالٍ، هو: ما التوقيت الأفضل للاستحمام، في الصباح أم المساء؟ الدكتورة بريمروز فريستون من جامعة ليستر، قالت: إن الاستحمام النهاري أفضل للجسم، لأنه سيكون أنظف من ميكروبات الجلد المكتسبة ليلًا عند ارتداء ملابسَ نظيفةٍ. وأوصت الدكتورة بتغيير ملَّاءات السرير بشكلٍ مستمرٍّ.
سبق وقال لي أحد الأطباء: إن الاستحمام الليلي ضروري، إضافةً إلى الاستحمام الصباحي. الأطباء يختلفون مع بعضهم، ويهاجمون بعضهم أيضًا! وقد ذكَّرني خلافٌ بين طبيبين على تشخيص إحدى الحالات بخلافات الحلَّاقين، كلما ذهبت إلى حلَّاقٍ جديدٍ، قام بالهجوم على حلَّاقي السابق: «الحلَّاق اللي كان حالق لك ما بيفهم، لك هاد جزَّار مو حلَّاق»!