دلال الدوسري ـ القوى الناعمة
لا شك أن تعيين الاتحاد الدولي لكرة القدم للسنغالية فاطمة سامورا في منصب الأمين العام يعدّ تحولاً كبيراً في تاريخ العمل الرياضي كونها أول امرأة تشغل المنصب الثاني في "فيفا"، وأول امرأة تشغل منصباً تنفيذياً رفيع المستوى في إحدى المنظمات الرياضية في العالم، وكونها تمثّل القارة الأفريقية بعد أن اُحتكر المنصب لأوروبيين منذ العام 1904م، ولكونها أتت من خارج منظومة العمل الرياضي. حيث دخلت من بوابة التنمية متدرجةً في عدة مناصب بهيئة الأمم المتحدة لمدة 21 عاماً، جعلت منها خبيرة في إدارة المنظمات الكبرى ـ وخاصةً في إدارة الأزمات ـ وهو ما كان كفيلاً بترجيح كفّتها على غيرها من السيدات والرجال.
ما حصل يشير إلى أن لا مستحيل في منظومة العمل الرياضي، ويضعنا كذلك أمام الكثير من التوجهات التي ستشكل طريقنا للسنوات القادمة، فرؤية المملكة 2030 تسعى لتمكين المرأة في سوق العمل، وإستراتيجية القطاع الرياضي 2020 تُجهزّ لإدارة نسائية ضمن الهيئة العامة للرياضة، وتوجّه المنظمة الكروية الأم لتمكين المرأة من المناصب التنفيذية كان أحد أهم الركائز ضمن الحملة الانتخابية للرئيس الحالي. ومع كل هذه المعطيات، وجب علينا التفكير في خطة للاستعانة بالسيدات في العمل الرياضي في المملكة، ولا أقصد هنا المساواة في التعيين أو تفضيل المرأة عن الرجل، بل إن كانت سيدة وجديرة بالمنصب، فلم لا؟
وبرأيي، أن خطة التمكين ستتحقق إذا تمّ العمل على ثلاثة محاور بشكل متوازي، أولاً استقطاب الكفاءات النسائية المتخصصة حالياً في القطاع الرياضي ـ ولدينا عدد لا بأس به ـ من الإعلاميات، الصحفيّات، المصوّرات، المستثمرات، عضوات شرف الأندية، واللاعبات لتعيينهنّ كعضوات في لجان الاتحادات الرياضية. ثانياً تمكين الكفاءات من داخل وخارج القطاع ممنّ تتوفر لديهنّ قدرات التمثيل الخارجي والدفع بهنّ لشغل مواقع في المؤسسات الرياضية الإقليمية والآسيوية. ثالثاً إعداد الشابات اللاتي يرغبن و(يستطعن) خوض العمل الرياضي بكل ما فيه من صعوبات ضمن برنامج تدريب قيادي لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات تمهيداً لتوليهنّ مناصب تنفيذية محلية، إقليمية، آسيوية أو دولية، ليكون لدينا أكثر من "فاطمة" نفخر بها.
ختاماً، لن أكرر "الكليشيهات" المعروفة بأن المرأة هي شريك أساسي في التنمية، وأنها القوى "الناعمة" التي قد تقود العمل لأبعاد جديدة، ولكنني سأراهن بثقة على إمكانيات سيدات الوطن في تمثيل المملكة في المنظمات الرياضية تماماً كـ"فاطمة" لتضع علم السنغال في أعلى سلم الهرم الكروي، وتجبر العالم على تجاوز النظرة الدونية لدول العالم الثالث.