2016-07-20 | 02:50 مقالات

انضباطية .. في زمن البوكيمون !!

مشاركة الخبر      

منذ سنوات كنا نشاهد بعض الجاليات الأفريقيه وهم يلاحقون لقمة العيش من خلال بحثهم المتواصل عن علب المياه الغازية الفارغه.. فتراهم يجمعونها تحت السيارات وخلف بقايا النفايات بل قد يتطلب الأمر الدخول إلى حاويات القمامة "أكرمكم الله" بحثاً عن عبوه تزيد في رصيدهم لتسليمها لمصانع الألمنيوم والمياه الغازية ليتم إعادة تصنيعها مقابل حفنة من الريالات تكفل لهم قوت يومهم ووجبات بسيطة لإطعام ابنائهم.. وعلى الرغم من صعوبة المهمة وسخرية البعض منهم إلا انهم ساعدوا في تحسين البيئة من حولنا عبر التخلص من آلاف الأطنان من مخلفات الألمنيوم والعلب الفارغة للمشروبات الغازية بالشوارع ..

 

واليوم يتكرر المشهد ولكن بطريقة مختلفة!! فلن نتعجب قريباً لو شاهدنا أحد شبابنا وهو يقتحم نلك الحاويات بملابسه الأنيقة وهو يحمل جهازه المحمول أو لمحنا أحدهم يستلقي تحت إحدى السيارات أو حتى يقفز على جدران المباني العامة ليلاً وقد يقتحم منازل جيرانه .. فمع انتشار لعبة البوكيمون والتي تتيح لمستخدميها من تجميع شخصيات المسلسل الكارتوني الشهير عبر بحثهم المستمر في أماكن مختلفة للحصول على كرات جديدة اعتماداً على نظام تحديد المواقع الـGPS وذلك لتحديد أماكن تواجد أقرب بوكيمون بالإضافة لاستخدام الكاميرا مع وجود اتصال جيد بالإنترنت لاستكشاف أماكن جديدة لتواجد شخصيات اللعبة .. الأمر الذي سبب بلبلة على مواقع التواصل إذ ظهرت المساجد ومراكز الشرطة كأماكن مفضلة لتواجد البوكيمونات.. وهو الذي يلزم المستخدم الدخول لجمع احتياجه في اللعبة والتي تسببت في ارتفاع نسبة حوادث السير كتلك التي حدثت بسبب توقف شخص بطريقة فجائية على الطريق السريع، اضافة للعديد من المشاكل بسبب رغبة البعض في اقتحام منازل الآخرين لالتقاط البوكيمون ..

 

هذه اللعبة ستولد لنا جيلاً مستهتراً لايبالي بالعادات و التقاليد أو حتى حرمات الأماكن العامة .. ومعها قد تختفي الانضباطية والتي هي في الأساس على المحك!! فبعد كل إجازة نعاني كثيراً من استهتار الموظفين في العودة للالتزام بالحضور والدوام حتى ان البعض أصبح لايبالي ان يستلم راتبه مقابل سويعات بسيطة يقضيها في مكتبه خلال الشهر وكأنه يمتن على جهة عمله بتلك الأوقات التي تكرم بها عليهم .. فيما يقبض أموالاً لايبالي ان كانت حراماً أم حلالاً وهو ينعم بنوم هانيء في منزله.. تخيلوا مستقبلاً موظفا يأتي لمكتبه متأخراً والعذر (آسف كنت أصيد بيكمون) وآخر يغادر سريعاً قبل نهاية دوامه للإمساك بكرة كرتونية أخرى!! ما أسخفه من جيل هذا الذي بات يلاحق الوهم والسراب..

 

لا أريد ان أتشاءم كثيراً ولكن يبدو أننا مقبلون على نكسه وكارثة إنسانية كبيرة بسبب لعبة قد تغير من سلوكيات المجتمعات الإنسانية في جميع دول العالم.. وبالعودة للانضباطية في عالم المستديرة.. وها قد اقترب موسم كرة القدم للبدء فيجب أن يعي جميع لاعبي أنديتنا ان زمن الاحتراف لا يرحم وان الكوارث المالية التي مرت بها الأندية ستجعلهم يتنازلون عن قناعتهم وسيبقى فقط أفضل الأفضل ..