عبدالله بن مساعد لا يضرب معولاً إلا في حقله
سألت الأمير عبدالله بن مساعد، في بدايات معرفتي به منذ سنوات وسنوات، حيث كان في مقتبل العمر، عن مستقبله، وعن الشق الرياضي في حياته الحاضرة في ذلك الوقت والتالية، وعما إذا كانت لديه طموحات سياسية وتولي مناصب وزارية وسلوك المجال الرياضي كأفضل طريق يوصل إلى ذلك.. في ذلك الوقت كان الأمير عبدالله يمشي الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل، حيث أسس الشركة السعودية لصناعة الورق، ورد على تساؤلاتي بأن الاهتمام الأول هو للمصنع، فيما كرة القدم مغروسة في العروق مع عشق لا نظير له لمنتخب المملكة وللهلال، أما المناصب الحكومية فهي تتحدد في ظروف وأوقات لاحقاً. هذا الأمير الذي تخصص في الهندسة الصناعية، كان يبشرني بنجاح المصنع في مراحل: "الآن نحن الأوائل في المملكة.. الآن نحن الأوائل في الخليج.. الآن نحن الأوائل في الشرق الأوسط.." وبذلك عكس القول المأثور: "مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة" فأصبح في قاموس الأمير عبدالله بن مساعد: "ألف ميل في خطوة واحدة" وهو العنوان الذي وضعه لأول كتاب نشره في العام 2001 وأهداني نسخة منه بتاريخ 12ـ8 من ذلك العام. بعد تكملة "البناء المهني" جاء دور الشق الرياضي، حيث بات الأمير عبدالله مطلباً شرفياً وجماهيرياً لرئاسة الهلال، لدرجة أن الحال أصبحت أشبه بـ"أنت أو لا أحد" وفي خضم الحيرة التي أخرّت قرار الأمير النهائي، تباحثت وإياه في بيروت في جلسة مطولة في الموضوع ولم أكن محبذاً له في تولي الرئاسة، بينما كان هو ميالاً إلى "القيام بواجبه لخدمة بلاده عن طريق الرياضة، وتحديداً من باب نادي الهلال" وحين استوضحته عن الوقت الذي سيخصصه للهلال وهو المنكب على متابعة أعماله الخاصة، أعلمني أنه باع نصف المصنع، وهذا ما سيتيح له الوقت وأيضاً الإسهام في الصرف على النادي.. وأذكر أن آخر حجة لقناعاته كانت: حكومتنا تساعدنا ولا تفرض علينا الضرائب، فليقم رجال الأعمال والمال بتحويل هذه النسبة من الضرائب إلى خدمة الشأن العام.. بعد رئاسة الهلال وما قدمه لهذا النادي، (2002ـ2004) وخاصة لناحية رفع حجم العقود الاستثمارية للنادي، بات أحد أبرز المكلفين من قبل المقام السامي في ملف تطوير الرياضة، وخصوصاً تخصيص الأندية، وقد وصف الأمير نواف بن فيصل المشروع الذي قدمه الأمير عبدالله بن مساعد بمثابة العمود الفقري لتطوير العمل الاحترافي الرياضي في المملكة، كيف لا وتفاصيل هذا المشروع ملأت 1000 صفحة. ولأن الأمير عبدالله بن مساعد واقعي وصادق مع نفسه، لم ينجرف هذه المرة بمناداته ليرشح نفسه رئيساً لاتحاد الكرة السعودي وأيضاً لرئاسة الاتحاد الآسيوي، ومع أنه فكر قليلاً في الموضوع الأول، سرعان ما رفض الموضوع الثاني بلا تردد.. فالأمير لا يضرب معولاً إلا في حقله.. فهو بات من أرباب الاستثمار الرياضي ومن المجلين فيه ونجم المؤتمرات والندوات الخاصة بهذا المجال. ويبدو أن الأمير عبدالله بن مساعد وجد أن الميدان السعودي وحتى الخليجي أقل من طموحاته ومن تجربته وأفكاره، فقفز إلى الرحاب الأوسع متخطياً حتى الميدان الآسيوي، إلى أوروبا، ومن هنا "اصطاده" نادي شيفيلد يونايتد الإنجليزي ليغدو شريكاً في نصف الأسهم.. ومن يقرأ تفاصيل هذه الشراكة لابد وأن يخرج بسؤال: مَن سيصطاد مَن؟.